تعاقب الأزمات في النظام العالمي

إذا نظرنا إلى الـ 60 عاما الماضية، بمعدل عشرة أعوام منذ 1959، فسنجد أن العالم سجل أزماته بمتوسط أزمتين إلى ثلاث، لهذا ماذا يمكننا تعلمه من تاريخ الأزمات الاقتصادية وكيف نحيد مخاطرها وهل هناك مزيد منها قبل 2030؟
ما بين 1959و1969 حدثت أربع أزمات كبرى تعلقت بالركود الأمريكي، اغتيال جون كنيدي، وحرب فيتنام، وضعف احتمالية انضمام بريطانيا إلى الجماعة الاقتصادية الأوروبية، وأزمة الذهب. وما بين 1969 و1979، شهد العالم أزمة النقد الدولية، ثم أزمة النفط الأولى بسبب حرب العرب مع الإسرائيليين، ثم عقبها أزمة نفط ثانية بسبب إيران. وما بين 1979 و1989 وقبل نهاية العقد، شهد العالم أشهر أزمة في الأسواق المالية العالمية عرفت بالإثنين الأسود، وتدخلت السلطات النقدية في أمريكا وخفضت أسعار الفائدة لمنع تفاقم الأزمة، كما اشترت الشركات الخاسرة أسهمها ليتعافى الاقتصاد بعد عامين.
أما في الأعوام ما بين 1979 و1999، فشهدنا أزمة حرب الخليج الأولى، وأزمتي أسواق شرق آسيا، وتراجع قيمة الروبل الروسي. وما بين 1999 و2009، العالم كان على موعد مع أكبر أزمة ائتمان ورهن عقاري مزدوجة ضربت قطاعي البنوك والعقارات، كما شهدت الفترة نفسها ركود اقتصاد أمريكا بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر)، ثم حرب العراق ومرض سارز.
وفي فترة ما بين 2009 و2019، كانت أزمات الديون والتجارة هي الأبرز، ليسجل العالم في تاريخه الاقتصادي أزمة ديون أوروبا السيادية، والحرب التجارية بين أمريكا والصين، وأزمة اليونان، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. أما في الفترة الحالية منذ 2019 إلى 2021، فشهدنا أزمة عالمية كبرى ناتجة من انتشار فيروس تنفسي معد كوفيد - 19 أدى إلى إغلاق الاقتصادات بلا استثناء، وشهد النمو الاقتصادي للدول نموا سالبا، وفقد الملايين وظائفهم، ولا نعلم ماذا يخفي القدر حتى 2030 من تحديات للبشرية.
تعلمنا من تعقب تاريخ الأزمات أن الاقتصادات المتقدمة أشد تأثرا بالأزمات الاقتصادية، وفي الوقت ذاته هي الأسرع في التعافي، في حين أن الدول الصاعدة والفقيرة تأثرها أقل، ورغم ذلك لكل أزمة ضحايا، إلا أن الدول التي ركزت على اقتصادها الداخلي ولم تنخرط بكثافة في الأسواق المالية المتقدمة كانت الأقل تأثرا بتلك الأزمات.
إن الحالة الاستشرافية إلى ما قبل 2030، إن صحت وفق ما نشهده من معطيات وتداعيات، ولا سيما مع الإفراط في السياسات النقدية ومع ظهور جيل جديد من نقود وأصول رقمية أو ما يعرف بالعملات المشفرة غير معتمدة حتى اليوم من البنوك المركزية حول العالم، فإن الأزمات المقبلة المحتملة عبر الأسواق المالية والعملات المشفرة.
ختاما: علينا حماية رأس المال الوطني من الأسواق المالية العالمية التي لا نسيطر عليها إذا ما تعاكست قيمة الأسهم السوقية مع الناتج المحلي أو نمت قيمة الأسهم السوقية بمعدلات مئوية أضخم من الناتج المحلي في تلك الأسواق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي