رؤية جديدة للمستقبل الأمريكي وإصلاحه «2 من 2»

حول الحديث عن مؤشرات الاقتصاد الأمريكي ومتطلباته المستقبلية وبغض النظر عن المجال المحدد، بما في ذلك، تعزيز التقنيات الخضراء في أعمال ونشاطات، أو تطوير ترتيبات مؤسسية جديدة للعاملين في الرعاية المنزلية، أو تعميق سلاسل التوريد المحلية للتصنيع عالي التقنية، أو الاعتماد على برامج تنمية القوى العاملة الناجحة، سيكون التعاون الحكومي مع الجهات الفاعلة غير الحكومية أمرا ضروريا.
وفي جميع هذه المجالات، سيتعين على الحكومة العمل مع الأسواق والشركات الخاصة، إضافة إلى أصحاب المصلحة الآخرين مثل النقابات والمجموعات المجتمعية. وستكون هناك حاجة إلى نماذج جديدة للحوكمة لضمان متابعة الأهداف العامة بالمشاركة الكاملة لتلك الجهات الفاعلة التي لديها المعرفة والقدرة على تحقيقها. ويجب أن تصبح الحكومة شريكا موثوقا به، وبدورها سيتعين عليها أن تثق في الجهات الاجتماعية الأخرى.
وفي الماضي، أدى كل تأرجح مفرط في ميزان الدولة والسوق في النهاية إلى تأرجح مفرط في الاتجاه المعاكس. ويمكن لخطة بايدن كسر هذه الحلقة. وإذا نجحت في ذلك، فإن النموذج الذي تقدمه فيما يتعلق بالأسواق والحكومات التي تضطلع بدور مكملات وليست بدائل، حيث يتضح أن كل واحدة تعمل بصورة أفضل عندما تبذل الأخرى مجهودها، يمكن أن يكون إرثها الأكثر أهمية ودواما.
وفي هذا الصدد، من غير المفيد النظر إلى خطة بايدن على أنها وسيلة لاستعادة مكانة أمريكا التنافسية في العالم، خاصة تجاه الصين. ولسوء الحظ، فإن بايدن نفسه مذنب في هذا التأطير. إذ قال أخيرا: إن الحزمة "ستضعه في وضع يسمح له بالفوز بالمنافسة العالمية مع الصين في الأعوام المقبلة".
وقد يكون من المغري سياسيا تسويق خطة البنية التحتية بهذه الطريقة. ففي حقبة سابقة، ساعد الخوف السائد من أن تفقد الولايات المتحدة تفوقها لمصلحة الاتحاد السوفياتي في مجال الصواريخ الباليستية، وفي سباق الفضاء على تحفيز تعبئة تكنولوجية وطنية.
لكن هناك قليل من الأسباب التي تدعو إلى الخوف اليوم. ومن غير المرجح أن تشتري كثيرا من الدعم الجمهوري للخطة، بالنظر إلى كثافة الاستقطاب الحزبي. كما أنها تصرف الانتباه عن الإجراء الحقيقي، وإذا زادت الخطة من الدخل ومن الفرص للأمريكيين العاديين، كما ينبغي، فستستحق العناء، بغض النظر عن تأثيراتها في الوضع الجيوسياسي لأمريكا.
وفضلا عن ذلك يختلف الاقتصاد عن سباق التسلح. إذ لا ينبغي أن يشكل الاقتصاد الأمريكي القوي تهديدا للصين، تماما كما لا ينبغي أن يهدد النمو الاقتصادي الصيني أمريكا. إن تأطير بايدن ضار لدرجة أنه يحول الاقتصاد الجيد في الداخل إلى أداة لسياسات عدوانية محصلتها صفر في الخارج. فهل يمكننا إلقاء اللوم على الصين إذا شددت القيود على الشركات الأمريكية كإجراء للدفاع عن نفسها ضد خطة بايدن؟
يمكن للخطة أن تحول الولايات المتحدة، وأن تكون مثالا مهما يمكن للدول المتقدمة الأخرى أن تحتذي به. لكن حتى تحقق إمكاناتها يجب أن تتجنب الانقسامات المضللة بين الدولة والسوق، واستعارات الحرب الباردة التي عفى عليها الزمن. وفقط إذا تركت نماذج الماضي وراءها، يمكنها رسم رؤية جديدة للمستقبل.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي