Author

مبادرات حماية الكوكب

|
حماية البيئة على كوكب الأرض من أخطار الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية كانت وما زالت وفقا للدراسات من أهم المخاطر التي تواجه حياة الانسان على كوكب الأرض. ويتبع ذلك كثيرا من الآثار المالية والصحية والبيئية التي يمكن أن تكون سببا في حرمان سكان الأرض من خيراتها، والأجيال المقبلة كذلك.
هذه المقدمة تساعد على فهمنا لمفهوم الاستدامة Sustainability، التي عرفتها وثيقة "مستقبلنا المشترك" الصادرة عن الأمم المتحدة The UN عام 1987: أنها "التنمية التي تستجيب لاحتياجات الوضع الراهن، مع أخذ الإمكانات المطلوبة من أجيال المستقبل لتأمين متطلباتها، في الحسبان"، وقد نما وتطور هذا المفهوم حتى أصبح وثيقة الأمم المتحدة للاستدامة 2030، التي تقوم على تحقيق تحسن وتقدم في 17 موضوعا لها تأثيرها المباشر في تحقيق الاستدامة. وموضوع الاستدامة جاء نتيجة للتطورات التي قادتها الدراسات والبحوث في مجالات المسؤولية الاجتماعية للشركات Corporate Social Responsibility CSR من منتصف القرن الماضي، حتى وصلت لتكون متطلبا تنظيميا رئيسا في كثير من دول العالم.
في الأيام القليلة الماضية أصدر مجلس الوزراء قرارا بتشكيل لجنة تعنى بالمسؤولية الاجتماعية للشركات والمؤسسات، وفي هذا الأسبوع أطلق سمو ولي العهد - حفظه الله - مبادرتين استراتيجيتين في سبيل تحقيق الاستدامة والمحافظة على البيئة في كوكب الأرض تتمثلان في "مبادرة السعودية الخضراء"، و"مبادرة الشرق الأوسط الأخضر". وقال ولي العهد: بصفتنا منتجا عالميا رائدا للنفط ندرك تماما نصيبنا من المسؤولية في دفع عجلة مكافحة أزمة المناخ، وأنه مثل ما تمثل دورنا الريادي في استقرار أسواق الطاقة خلال عصر النفط والغاز، فإننا سنعمل لقيادة الحقبة الخضراء القادمة.
هاتان المبادرتان وقد سبقتهما مبادرة "استطلاعية Pilot" هي مبادرة الرياض الخضراء التي أطلقت في آذار (مارس) 2019، في إطار تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 بهدف رفع تصنيف مدينة الرياض بين مدن العالم في مجال البيئة الخضراء وتحقيق الاستدامة. وكما تأتي مبادرتا "السعودية الخضراء"، و"الشرق الأوسط الأخضر" في إطار وعي القيادة الرشيدة واهتمامها بتحسين البيئة وتحقيق الاستدامة في النطاق الإقليمي لدول الشرق الأوسط. لتضع من ضمن مستهدفاتها الطموحة زراعة عشرة مليارات شجرة داخل المملكة العربية السعودية خلال العقود المقبلة، وهو ما يعادل إعادة تأهيل نحو 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، وسيؤدي إلى زيادة المساحات المغطاة بالأشجار لتصبح 12 ضعفا للوضع الحالي، كما تساند مساهمة المملكة بأكثر من 4 في المائة في تحقيق مستهدفات المبادرة العالمية للحد من تدهور الأراضي والموائل الفطرية، و1 في المائة من المستهدف العالمي لزراعة تريليون شجرة. كما ستعمل على رفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30 في المائة من مساحة أراضيها التي تقدر بـ 600 ألف كيلو متر مربع، لتتجاوز المستهدف العالمي الحالي بحماية 17 في المائة من أراضي كل دولة، إضافة إلى عدد من المبادرات لحماية البيئة البحرية والساحلية.
كما ستعمل المبادرات على تقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 4 في المائة على مستوى الإسهامات العالمية، من خلال مشاريع الطاقة المتجددة التي تستهدف توفير 50 في المائة من إنتاج الكهرباء داخل المملكة بحلول عام 2030، ومشاريع في مجال التقنيات الهيدروكربونية النظيفة التي ستمحو أكثر من 130 مليون طن من الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى رفع نسبة تحويل النفايات عن المرادم إلى 94 في المائة.
حماية كوكب الأرض بحاجة إلى قادة يعملون على ذلك، والمملكة في هذا الشأن تتصدر قيادة الشرق الأوسط في هذا المجال، وستكون ذات أثر في المستوى الدولي كما هو معهود.
إنشرها