Author

المقارنات المرجعية .. ما لها وما عليها

|

أستاذ الطاقة الكهربائية ـ جامعة الملك سعود

[email protected]

في أواخر سبعينيات القرن الماضي، أصبحت زيروكس أول شركة أمريكية كبرى يتم قياسها. قامت الشركة بتحليل جميع وظائف أعمالها الرئيسة ثم قارنت التحليل بنظيرات مماثلة في شركات أخرى حول العالم وأصبحت المقارنة المعيارية في النهاية طريقة لقياس أداء الشركات من جميع الأحجام. يقوم أغلب الدراسات الحالية على المقارنة المرجعية أو المعيارية Benchmarking مع أحد القطاعات ذي العلاقة أو التشابه في مجال معين في الصناعة، سواء أكان داخل المنظمة أم في منظمة أخرى داخل المملكة أم خارجها. يمكن أن تكون المقارنة المرجعية مفيدة لمساعدة المنظمة على تطوير خططها لتحسين الخدمة وابتكار المنتجات وتطوير التصميم أو تأسيس خطط استراتيجية جديدة. لكن رغم فوائدها العديدة لتقييم الأداء وتحسين العمليات وتطوير الاستراتيجية، إلا أن المقارنة المعيارية لها بعض المخاطر الكامنة التي يجب على المنظمات أن تعيها وتنتبه لها.
تقوم المقارنة المرجعية الداخلية بجمع البيانات حول الأقسام المختلفة داخل المنظمة ويقارن أداء الأقسام بعضها بعضا. من ناحية أخرى، فإن المقارنة المعيارية الخارجية تشبه ما فعلته "زيروكس" حول مقارنة الأداء العام للشركة بأداء شركات أخرى. عندما تخلط الشركة بين هذين النهجين، يصبح من غير الواضح كيفية الاستخدام الفعال للمعلومات التي تم جمعها من عملية قياس الأداء. بينما يجب أن تكون المقارنة المرجعية الخارجية أكثر صعوبة وأوفر إنتاجية، خاصة عندما يقارن الأداء بشركات أخرى في صناعات غير ذات صلة. وبالطبع يكمن الخطر في أن عملية قياس الأداء تصبح رتيبة للغاية إذا لم تتحد المنظمة نفسها في تقويم أدائها. ويظل التحدي هو العمل على تشابه القارن بالمقارن أو ما يسميه البعض مقارنة التفاحة بالتفاحة وليس بالبرتقالة وكيفية الخروج منها من خلال عمليات رياضية معينة. من جانب آخر، فإن المنظمة قد تخاطر بأن بعض الموظفين والمديرين لن يتقبلوا التغييرات المقترحة من جراء المقارنة المرجعية، حيث يقاوم الأشخاص التغيير عندما يرونه غير ضروري لأعمالهم اليومية المعتادة أو مزعجا لسير العمل أو مناقضا لاستراتيجيتها عموما. إذن هناك بالفعل خطر حقيقي من أولئك المنخرطين في عملية قياس الأداء يتمثل في مقاومة التغيير، حيث يصرون على أن المنظمة تقوم بالأمور بشكل أفضل حتى ولو كانت النتيجة تشير إلى خلاف ذلك. كذلك من المعروف أن الابتكار يمثل قوة دافعة للمنافسة في السوق لكن المقارنة المرجعية تنطوي على خطر إعاقة الابتكار. حيث لا يمكن للمنظمة ببساطة استخدام البيانات التي تجدها من خلال المقارنة لتصميم خطتها بالكامل للسيطرة على السوق أو تطوير المنتج. ومن جانب آخر يجمع معظم الشركات بيانات مفيدة من عملية قياس الأداء، لكن من الممكن أن تحدد المنظمة أنها الأفضل في الصناعة، وهذا أمر خطير لأن المنظمة تبدأ في الاعتماد على أمجادها السالفة وتقبع آخر الصف التجاري تبعا لذلك. ولذلك لا يقصد من المقارنة المرجعية أن تؤدي إلى الرضا عن الذات، لكن يجب على المنظمات أن تبحث عن طرق للقيام بأعمال تجارية أفضل وإيجاد قيم جديدة وتقديم خدمة عملاء مميزة.
بمجرد الانتهاء من عمليات المقارنة المرجعية ترسم الدروس المستفادة وكيفية تطبيقها داخل المنظمة بكل احترافية وعدل وأمانة. إن دراسة المقارنات المرجعية تمثل فرصة للنمو وتحسين الأداء والتوجه الاستراتيجي، من شأنها أن تعمل على إخراج تفكير المنظمة خارج الصندوق، من خلال الجمع بين البيانات المعيارية والابتكار الأصلي وتحسين الخطط الاستراتيجية.

إنشرها