Author

ماذا يجب على يلين أن تفعل؟ «1من 2»

|
يعد القرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن بتعيين جانيت يلين وزيرة للخزانة في حكومته المقبلة بشرى سارة لأمريكا والعالم. تحملت الولايات المتحدة أربعة أعوام من تجربة حكم الرئيس ترمب التي فقدت حكم القانون على حد زعم المراقبين، وهو المبدأ الذي تقوم عليه الديمقراطية واقتصاد السوق. ولم يكتف دونالد ترمب بإنفاق الأسابيع التي مرت منذ الانتخابات الرئاسية في إلقاء الحجج حول تزوير انتخابي لم يكن له وجود، بل إنه أقنع أيضا أغلبية عظمى من المنتمين إلى حزبه بتبني هذه الشائعات ما كشف بالتالي عن هشاشة الديمقراطية الأمريكية.
لن يكون إصلاح الضرر بالمهمة السهلة، خاصة مع تسبب جائحة مرض فيروس كورونا 2019 - كوفيد - 19 في تفاقم مشكلات أمريكا. ما يدعو إلى التفاؤل أن لا أحد اليوم أفضل تجهيزا في التعامل مع التحديات الاقتصادية ــ في الفـكر، والخبرة، والقيم، ومهارات التعامل مع الآخرين ــ أكثر من يلين، التي التقيتها أول مرة عندما كانت طالبة دراسات عليا في جامعية ييل في ستينيات القرن الـ20.
أول البنود على الأجندة سيكون التعافي من الجائحة. مع ظهور لقاحات متعددة في الأفق، تتمثل المهمة العاجلة في بناء جسر من هنا إلى اقتصاد ما بعد الأزمة. الآن فات أوان التعافي السريع على هيئة حرف V. فقد أفلست شركات عديدة، ومن المتوقع أن تشهر شركات أخرى إفلاسها في الأسابيع والأشهر المقبلة، كما تمكن الضعف من ميزانيات الأسر والشركات. الأسوأ من كل هذا أن الأرقام الرئيسة ربما تـكـذب عمق الأزمة. لقد أوقعت الجائحة خسائر فادحة عند أسفل جدول توزيع الدخل والثروة. وهؤلاء الذين استفادوا من السياسات الرامية إلى منع عمليات حبس الرهن ينزلقون رغم ذلك الآن إلى أعماق أبعد في مستنقع الديون، وقد يواجهون يوم الحساب قريبا.
كانت التوقعات الحالية ستتحسن كثيرا لو أقـر رئيسنا وهيئتنا التشريعية في أيار (مايو) من عامنا هذا بأن جائحة كوفيد - 19 لن تختفي من تلقاء ذاتها. فلم تمدد برامج الدعم الأولية القوية رغم الحاجة الماسة إلى تمديدها، ما أسفر عن ضرر اقتصادي كان من الممكن تجنبه الذي سيصبح من المتعذر إصلاحه الآن.
حظي الدمار الذي لحق بصناعات المطاعم والسفر بقدر وفير من الاهتمام، لكن هذا ربما يكون مجرد غيض من فيض. فقد تلقت مؤسسات تعليمية، وخاصة العديد من الكليات والجامعات ضربة موجعة. والآن تواجه حكومات الولايات والحكومات المحلية المقيدة بقوانين الميزانيات المنضبطة انخفاضا حادا في الإيرادات. وفي غياب المساعدات الفيدرالية، ستضطر إلى إجراء تخفيضات كبيرة في تشغيل العمالة والبرامج العامة، وهو ما من شأنه أن يزيد من ضعف الاقتصاد في عموم الأمر.
تحتاج الولايات المتحدة بشدة إلى برامج إنقاذ ضخمة موجهة على وجه التحديد إلى الأسر والقطاعات الأكثر ضعفا. ولا ينبغي لنا أن ننظر إلى الدين الناتج عن زيادة الإنفاق على أنه معوق، وذلك نظرا للتكاليف الباهظة المترتبة على التقاعس عن التحرك الآن. فضلا عن ذلك، مع انخفاض أسعار الفائدة إلى ما يقرب من الصفر وترجيح بقائها عند هذا المستوى لأعوام مقبلة، فإن تكاليف خدمة الديون الجديدة ستكون منخفضة للغاية.
علاوة على ذلك، يمكن تصميم العديد من برامج التعافي الضرورية لخدمة أهداف متعددة، من خلال وضع الاقتصاد على ركائز أكثر استدامة ومرونة واستنادا إلى المعرفة. سيتوقف الكثير على الكونجرس، لكن الحجة الاقتصادية لمصلحة توفير المزيد من الدعم واضحة، ويلين مجهزة كما ينبغي لتوضيح وتفصيل هذه الحجة. ويتوقف ذلك الأمر كثيرا أيضا على التعافي العالمي... يتبع.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2020.
إنشرها