Author

أهمية المراكز البحثية .. «كابسارك» أنموذجا

|
لقد أصبحت مراكز الدراسات والأبحاث ضرورة ملحة في ظل تنامي دور المعرفة والإبداع في العمل والاقتصاد، وصعود تقنيات المعنى والمحتوى التي تملأ العالم اليوم، ما يضاعف من أهمية مراكز الدراسات لأجل استيعاب المرحلة ومواكبة التغيير الكبير في المعارف والتكنولوجيا واتجاهات العمل والأسواق. وتحظى المراكز البحثية بأهمية كبيرة في رسم وصناعة السياسات في العالم.
ويعد مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية المعروف اختصارا باسم "كابسارك" مركز أبحاث غير ربحي مختص في اقتصادات الطاقة، أسس بقرار من مجلس الوزراء السعودي في 10 تموز (يوليو) 2007، كمركز غير هادف للربح يجري بحوثا مستقلة في مجال اقتصادات الطاقة، ويضم خبراء دوليين من أكثر من 20 جنسية، ويمثل السعوديون 50 في المائة من طاقم الباحثين. ويكرس جهوده لدراسة جميع أنواع الطاقة وما يتعلق بها من اقتصادات وسياسات وتقنيات، والعمل على تعزيز فهم التحديات والفرص في قطاع الطاقة لتمهيد الطريق للوصول إلى رفاهية المجتمعات محليا وعالميا.
وقد تم إدراج "كابسارك" ضمن التصنيف العالمي السنوي لمراكز الأبحاث ومنظمات المجتمع المدني الذي تصدره جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة في 2020 ضمن قائمة أفضل مراكز أبحاث الطاقة، حيث احتل المرتبة الـ 13 في قائمة أفضل 60 مركز أبحاث في سياسات وموارد الطاقة، كما تقدم 14 مركزا ضمن قائمة أفضل مركز أبحاث في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ليكون في المرتبة الـ 15 من الـ 103.
ويعد مؤشر جامعة بنسلفانيا الأمريكية لتصنيف وترتيب مراكز الأبحاث العالمية أحد أهم المؤشرات العلمية وأكثرها صرامة في هذا الصدد. ويتضمن هذا التقرير إحصاءات لعدد من مراكز الأبحاث المنتشرة عبر العالم، إذ تحتل الولايات المتحدة المرتبة الأولى في هذا الصدد، يليها كل من الصين والمملكة المتحدة على التوالي.
ويعكس التقرير السنوي لجامعة بنسلفانيا حول مراكز الدراسات ومنظمات المجتمع المدني الأهمية المتنامية لمراكز الفكر والدراسات التي تعمل على جسر الفجوة بين المعرفة والسياسة العامة، وتؤدي دورا أساسيا في التنمية والتخطيط للسياسات العامة والتأثير فيها، وها هو مركز كابسارك يتبوأ حضورا إقليميا وعالميا في هذا التصنيف العالمي.
يتبنى هذا المؤشر معايير صارمة في تصنيف وترتيب مراكز الأبحاث عبر العالم، ويخصص جزءا من التقرير لتحديد هذه المعايير، بعضها وأهمها كالتالي:
نوعية قيادة مركز الأبحاث ومدى التزامها، وينطوي ذلك على إدارة فعالة لمهام مركز الأبحاث وبرامجه، وتعبئة الموارد المالية والبشرية ورصد الجودة، والاستقلالية وأثر المركز.
القدرة على حشد جمع حاسم ذي مهارات عالية وباحثين ذوي خبرة وإنتاجية ومحللين تم الاعتراف بهم كخبراء ناشئين أو سابقين في مجال أبحاثهم.
القدرة على إنتاج بحوث عالية الجودة ذات سياسات موجهة، وذات قابلية للوصول إلى صناع القرار.
الصرامة الأكاديمية المرتبطة بالأبحاث المنجزة، ويشتمل ذلك على الاعتماد الرسمي لباحثي المركز ومحلليه، وعدد ونمط المنشورات العلمية المنتجة كالكتب، والمجلات وأوراق المؤتمرات، وعدد العروض والمداخلات التي قدمها باحثو المركز في الاجتماعات العلمية وغيرها من اللقاءات المهنية الأخرى، وعدد ونمط الاستشهادات بأبحاث باحثي المركز في المنشورات العلمية المنتجة وبقية الباحثين.
الالتزام الواضح بإنتاج بحوث وتحليلات مستقلة، وهذا يعني مواصفات وسياسات خاصة بإنتاج بحوث وتحليلات صارمة قائمة على البرهان التي يتم نشرها ورصدها من قبل منظمة أو فريق البحث، والالتزام بعدم الانحياز ومعايير مهنية معمول بها في البحوث.
أن يحظى المركز بالقدرة على الوصول إلى مؤسسات أساسية، ويتضمن ذلك القدرة على بلوغ الجماهير والأشخاص الأساسيين والتواصل معهم على غرار المسؤولين، والمجتمع المدني، والإعلام التقليدي والجديد والمؤسسات الأكاديمية.
الاستخدام الفعال للملخصات البحثية والتقارير، والتوصيات وغيرها من المنتجات من طرف صناع القرار ومجتمع السياسات وعدد الموظفين الحاليين والسابقين الذين يؤدون أدوارا استشارية لصناع القرار، واللجان الاستشارية وما إلى ذلك.
السمعة الإعلامية وحجم الظهور الإعلامي، والمقابلات، والاستشهادات بإنتاج المركز.
هذا ويضمن التقرير السنوي تصنيف المراكز العالمية وفقا لمجالات التخصص والاهتمام أيضا، كمجال الأمن القومي، والاقتصاد الدولي، والسياسة الاجتماعية، والشفافية والحوكمة، والميزانية، والارتباط بصناع القرار والحكومات وغيرها من المجالات. وبإمكان أي مركز بحثي أن يقيس مدى فاعليته وجودة إنتاجه المعرفي، أو قد يتخذ منها مثلا لبلوغ الاحترافية العلمية والمهنية ما أمكن.
إن مراكز البحث والتفكير تمثل صناعة متقدمة في الفكر والإبداع والقياس العلمي للاتجاهات العامة، كما البحث العلمي في سائر المجالات الموضوعية. ويعمل "كابسارك" على تعزيز فهم التحديات والفرص التي تواجه العالم والمملكة في قطاع واقتصادات الطاقة والسياسات والتقنيات والبيئة لجميع أنواع الطاقة. ويسعى المركز إلى إيجاد حلول للاستخدام الأكثر فاعلية وإنتاجية للطاقة لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي محليا وإقليميا وعالميا.
وقد عين "كابسارك" خلال هذا العام من قبل سكرتارية "مجموعة العشرين" كمسؤول عن تنظيم مجموعة الفكر الـ 20، وذلك في إطار استعدادات وتحضيرات المملكة لاستضافة قمة العشرين المقبلة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2020 بالشراكة مع مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الإسلامية، حيث مثل المركز الوفد السعودي في اجتماعات مجموعة تواصل الفكر T20 التي عقدت في البرازيل في أيلول (سبتمبر) 2018، كما شارك في اجتماعات المؤتمر الاستهلالي لمجموعة الفكر التي عقدت في طوكيو في كانون الأول (ديسمبر) 2018.
إنشرها