FINANCIAL TIMES

3 شراك تعترض سبيل «وول ستريت» المنطلقة

3 شراك تعترض سبيل «وول ستريت» المنطلقة

بالحكم من خلال انخفاض حجم السوق ونشاط الصفقات، استمتع المستثمرون بعطلة الصيف. مع ذلك فإن أضواء التحذير التي تومض عبر الأسواق العالمية تعني أن أي وهج خاص بأيام العطلة سيزول بسرعة.
التباعد بين المستويات القياسية لـ"وول ستريت" والعائدات السلبية من الصين وأوروبا وعديد من بلدان الأسواق الناشئة يجب أن يثير قلق حتى أكثر المتحمسين لأسواق الأسهم الأمريكية الصاعدة. الانعزال ليس مثاليا أبدا في النظام المالي المعولم، خاصة عندما تعكف البنوك المركزية، بقيادة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، على تفكيك حوافزها في عصر الأزمة.
تخلت "وول ستريت" عن الخوف من الخلافات التجارية وانتخابات الكونجرس النصفية في تشرين الثاني (نوفمبر) ودفعت سوق الأسهم إلى منطقة مجهولة، مدعومة بمكاسب هائلة وبيانات اقتصادية قوية. وعلى النقيض من ذلك، كثير من الأسواق الأخرى تخلفت كثيرا عن المستويات المرتفعة التي تم تحقيقها في وقت سابق من العام، عندما كان الإيمان بانتعاش عالمي متزامن أمرا أساسيا. يبرز من هذه القائمة، نتيجة لكل الأسباب الخاطئة، الأسهم الصينية، والمعادن الصناعية مثل النحاس، والمصارف الأوروبية، إلى جانب عائدات السندات الإيطالية المرتفعة.
يوضح قرار الأرجنتين رفع أسعار الفائدة إلى 60 في المائة الأسبوع الماضي الضغط الحاد الواقع على المناطق الضعيفة في الأسواق الناشئة.
يقول كريس واتلينج، من "لونج فيو إيكونومكس": "لا (تتوقع) رؤية فترات مستدامة لعديد من الأسواق المتجهة نحو الانخفاض، في حين تستمر الولايات المتحدة في الارتفاع".
أثناء تعديل المستثمرين محافظهم للأشهر الأخيرة من العام، ستحدد ثلاثة عوامل ما إذا كانت تقلبات السوق ستندلع خلال أيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (أكتوبر) وما إذا كانت لديها على الإيقاع بـ"وول ستريت" المنفلتة من عقالها.
المسار المستقبلي لسياسة سعر الفائدة في الولايات المتحدة، واستجابة الصين إلى تباطؤ الاقتصاد، ومفاوضات الميزانية المقبلة في إيطاليا تتصدر قوائم القضايا التي تخضع لمراقبة المستثمرين.
سيكون أهم اعتبار لمحفظة الاستثمار العالمي هو ما إذا كان البنك المركزي الأمريكي سيواصل رفع تكاليف الاقتراض لليلة واحدة وإلى أي مدى، ما يؤدي إلى تقليص الإمدادات العالمية من الدولارات وإيقاع ألم كبير عبر الأسواق الناشئة.
وفقا لبنك التسويات الدولية، حتى آذار (مارس) الماضي ارتفع حجم الديون بالدولار في الأسواق الناشئة إلى 3.7 تريليون دولار، صعودا من نحو 1.5 تريليون دولار قبل عقد. عملت العملة الأمريكية المنتعشة على رفع تكلفة تسديد تلك الديون، الأمر الذي يثير مخاوف الدائنين والمصرفيين.
في مرحلة ما ينبغي أن يعمل الارتفاع الحاد هذا العام في عوائد السندات في الأسواق على جذب المشترين. في الوقت الحالي لا تزال عملات الأسواق الناشئة واقعة تحت ضغط الدولار المتزايد القوة، ما يصرف المشترين المحتملين في وقت انخفاض الأسعار.
لكن يمكن أن تعوض الصين ذلك إلى حد ما، إذا قررت تخفيف وطأة الألم الناتج عن الحملة التي تشنها على مصرفية الظل من خلال اتخاذ تدابير تحفيزية تدعم اقتصادها. عندما يتعلق الأمر بالأسواق الناشئة وأسعار المعادن، فإن صاحبة الحظ الأكبر في كلا القطاعين هي بكين. وأي انفتاح كبير لصنبور الإنفاق هناك من شأنه يؤدي إلى تخفيف واضح للضغط على كثير من الأسواق. من ناحية أخرى، العلامات على وجود ضعف في النشاط العالمي التي تظهر في انخفاض أسعار المعادن الصناعية من شأنها أن تشير إلى عودة الرياح العكسية الانكماشية.
يبدو حاليا أن ارتداد الدولار أمرا مرجحا، إذ من المتوقع أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في أيلول (سبتمبر) ويتبع ذلك بثلاث عمليات تشديد أخرى بحلول نهاية عام 2019. ومن المتوقع كذلك أن يخفض ميزانيته العمومية الضخمة من السندات.
وعلى الرغم من أن جاي باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، قلل من شأن العواقب المترتبة على الأسواق الناشئة بسبب السياسة النقدية الأمريكية الأكثر تقييدا، إلا أن حدوث خضة قوية من تقلبات السوق عبر إيطاليا ربما تغير من وجهات نظره. ففي الوقت الحالي يقع ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو تحت قيادة ائتلاف شعبوي معاد لبروكسل بصورة علنية. والميزانية التي تزيد الإنفاق هناك تنطوي على خطر رفع عائدات السندات، وبالتالي إلحاق أذى كبير بأسهم المصارف الإيطالية ومنطقة اليورو.
في الأسبوع الماضي باع "إنتيسا سان باولو"، أحد أشهر المصارف في إيطاليا، الديون بتكلفة أعلى بكثير مما كانت عليه في نيسان (أبريل). ولا يمثل هذا إشارة مطمئنة للمصارف الأكثر اضطرابا في المنطقة، التي تواجه نموا بطيئا وقروضا متعثرة السداد ونهاية مشتريات سندات البنك المركزي الأوروبي هذا العام.
وتساعد بؤر الاضطراب والتوتر الكثيرة في السوق في تفسير رفض العائد على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات الحفاظ على أي ارتفاع فوق 3 في المائة، بعد أن فشل عند هذا المستوى في أيار (مايو) وحزيران (يونيو)، وأخيرا في بداية آب (أغسطس). كذلك يشير العائد على سندات العشر سنوات، العالق دون مستوى 3 في المائة، إلى توقعات متواضعة من جانب السوق بالنسبة للنمو الاقتصادي الأمريكي في المستقبل وإلى تهديد بسيط بتسارع التضخم. بالتالي تضييق الفجوة بين العائد على السندات لمدة سنتين وعشر سنوات.
منحنى العائد المستقر هذا يميز اقتصاد الدورة المتأخرة، لكنه يبدو متناقضا مع الصورة الوردية التي رسمتها البيانات الاقتصادية الأمريكية القوية وأرباح الشركات.
الرسالة من سوق الأسهم تعد قوية أيضا. خلال آب (أغسطس) ازداد الطلب على أسهم الشركات الأمريكية سريعة النمو التي تعتمد بصورة أقل على الدورة الاقتصادية، مع وجود شركتي أمازون وأبل في الطليعة. سوق الأسهم التي تحقق أرقاما قياسية، يحددها عدد صغير من الأسهم الرائدة، تشير إلى أننا على وشك التعرض لعملية تراجع واسعة.
عند هذه النقطة يجب على المستثمرين التفكير في محضر اجتماع السياسة الأخير للبنك المركزي الأمريكي. فقد كشفت أن بعض المسؤولين يراقبون عن كثب عائدات السندات من أجل إشارات تحذير لركود محتمل. للحصول على دليل موثوق يعتمد على ما إذا كانت "وول ستريت" ستستنفد قوتها، ما عليك سوى مراقبة العائد لأجل عشر سنوات.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES