رؤية الصوت
الصوت شيء مسموع ولكنه غير مرئي، جعل الله له عضوا في أجسادنا وهو الأذنان لكي نستشعره، ولكن ماذا لو تمكنت من رؤية صوتك؟ وهل أصلا في الإمكان رؤيته؟!
أن تستطيع أن ترى صوتك هذا شيء غريب ويكاد يكون مستحيلا! إلا أن الطفل "بن أندروود" كسر هذه القاعدة وفتح آفاقا جديدة للعلم في إيجاد حل مجرب لمن فقدوا إحدى حواسهم مثل البصر، وأملا للمكفوفين أن يعيشوا حياة شبه طبيعية خالية من وجود مساعد يقودهم أو عصا يتلمسون بها ظلام الحياة.
فقد "بن أندروود" عينيه وهو في الثالثة من عمره إذ تم استئصالهما بسبب إصابته بمرض السرطان فيهما!
ورغم ذلك عاش حياة طبيعية جدا فقد كان يلعب كرة السلة ويقود الدراجات باحتراف ويزاول لعبة الكاراتيه باقتدار، إضافة لكتابته قصص الخيال العلمي.
فكيف تمكن "بن" من ذلك؟
لقد درَّب "أندروود" نفسه بمساعدة أمه وإخوانه في البداية على استخدام صدى الصوت في تحديد موقعه والتحرك في الأماكن المختلفة من العالم حوله، دون كلب مرشد، أو عصا أو حتى باستخدام يديه ليتحسس ما حوله، واعتمد اعتمادا كليا على صوته. كان يصدر طرقعات بلسانه فتصطدم بالموجودات وتعود إليه فتستقبلها أذنه لتعطيه فكرة متكاملة عن الأشياء المحيطة به، وطبيعتها وأبعادها بإحداثيات دقيقة تتخطى نسبتها 90 في المائة عن طبيعة المكان من حوله.
يكاد "بن أندروود" أن يكون الشخص الوحيد على كوكب الأرض الذي يرى باستخدام صدى الصوت. لكن القدر لم يمهله طويلا فقد هاجمه السرطان مرة أخرى ليتوفى عام 2009 وهو لم يتجاوز الـ 17 من عمره!
تجلى لطف الله بهذا الطفل ونمى لديه حاسة أخرى لتعويض ما فقده، ولعل قصته أعطت دافعا لباحثين تمكنوا من تصميم برنامج كمبيوتر يسمى voice يقوم بترجمة المعلومات المرئية إلى أصوات وهذه الأصوات تشبه النوتات الموسيقية من حيث انحدار الصوت وتغيره. وهذا الإنجاز جزء مما يسمى "استبدال الحواس" لتحل الأذن مكان العين. وهناك محاولات جديدة أخرى ستسمح للمكفوفين بالرؤية من خلال اللمس.
بعض الحيوانات والحشرات لديها قدرة على رؤية الصوت فالخفافيش والدلافين والصراصير تصدر طقطقات متتالية تستقبلها كأصداء معكوسة فتشكل منها صورا مجسمة يمكن رؤيتها فتتمكن من الطيران في الظلام الدامس مثل الخفاش واصطياد فريسة ولو على بعد أميال كما تفعل الدلافين. ولكن من الصعب على البشر التمتع بها نظرا لأنها خارج نطاق قدراتنا البشرية، إلا في حالة اضطررنا لاستبدال حواسنا لفقد إحداها، والأهم هو تدريب أنفسنا على استخدام بعض قوانا الكامنة.