«الشورى» يسقط نظام المسؤولية الاجتماعية
نشرت صحيفة "عكاظ" رفض توصية للجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب في مجلس الشورى بخصوص نظام المسؤولية الاجتماعية بحجة عدم مناسبة الاستمرار في دراسة المقترح المقدم ("عكاظ"، 5408). وأرجعت الرفض إلى خمسة أسباب في ردها على الأسباب الدافعة لتقديم المقترح من إحدى عضوات المجلس. وحيث إنه من الحديث يتضح لي أن المقصود هنا المسؤولية الاجتماعية للشركات تحديدا دون غيرها Corporate Social Responsibility CSR. وقد جاء في مبررات إسقاط التوصية أنها بنيت على أساس أن "المسؤولية الاجتماعية في المملكة طواعية وليست إلزامية في ظل تشجيع الدولة للمؤسسات والأفراد على الإسهام في العمل الاجتماعي"، وفعليا تعد المسؤولية الاجتماعية للشركات في جميع دول العالم تقريبا من الأعمال التي تقدمها الشركات طواعية دون وجود نظام ملزم لها، إلا من خلال وجود الأنظمة المحفزة للتوجه لتطبيق هذا النوع من الممارسات وإعطاء الامتيازات للشركات المانحة. من المبررات "أن الشركات السعودية تعتبر حقوقا خاصة تمثل كيانا اقتصاديا واجتماعيا، وأن كثيرا من أهداف النظام المقترح مشمولة في تنظيم الصندوق الخيري الاجتماعي الصادر في عام 1431هـ الذي نص على أن يكون هدفه العمل على الإنماء الاجتماعي". لذا برز مصطلح يعرف بمواطنة الشركات Corporate Citizenship يحدد مستوى العلاقة والارتباط بين الشركة والمجتمع وفقا لما تقدمه هذه الشركات في سبيل بناء العلاقة الاستراتيجية المبنية على المنفعة المتبادلة، وليس على مبدأ تحقيق المصالح الذاتية فقط. وأيضا يجب التأكيد على الفصل بين حق المستفيدين وبين الحقوق المبنية على عمل الخير وممارسة العبادات. من المبررات كذلك "صعوبة معالجة الضعف الثقافي من خلال نظام يحد من نشاط المسؤولية الاجتماعية القائمة، وأن حوافز وآليات التأكد من جودة المسؤولية الاجتماعية تتحقق من خلال تعديلات يتم اقتراحها على الأنظمة القائمة التجارية والاجتماعية دون الحاجة لنظام مستقل". دون وجود نظام يحفز أعمال المسؤولية الاجتماعية للشركات، ويقيم هذه الشركات بناء على مدى مساهمتها في العمل لتحقيق التنمية المستدامة، فلن نتقدم خطوة للإمام خصوصا أن شركاتنا تعتمد على نظام الرعاية من قبل الدولة. المقترح بني على دوافع قيمة جاء فيها: 1) أن المشروع اقتصادي وليس عملا تطوعيا، وليس له صلة بالتبرعات والصدقات، وهنا يجب الفصل بين مفهوم وممارسات المسؤولية الاجتماعية للشركات وبين العمل الخيري. 2) وجود النظام لينطلق بمفهوم الشراكة بين القطاعات الخاصة وبين المجتمع من خلال تحقيق المكاسب لجميع الأطراف، بعيدا عن النظرة القاصرة التي تضع المشاريع الخاصة في حاضنات ترعاها الدولة لمصلحة ملاكها. 3) النظام سيسهم في تحقيق التنمية المستدامة، ووجود «الهيئة الوطنية للمسؤولية الاجتماعية» سيسعى لتحفيز وتوعية جميع المستفيدين بأهمية وممارسات المسؤولية الاجتماعية للشركات، وهذا يتوافق مع توجهات «مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية» الذي وضع شراكة القطاع الخاص في التنمية في قائمة أولوياته. 4) تنظيم الشراكة بين القطاع الخاص والمجتمع سيواكب التطورات العالمية في ممارسات الشركات ويتوافق مع إشراك أصحاب المصالح في تحقيق المكاسب المجتمعية والاقتصادية بين الشركات والمجتمع، من خلال تحقيق المسؤوليات الحديثة لمساهمة الشركات في تطوير بيئة العمل المحيطة، والاهتمام بالقضايا النفسية والاجتماعية للعملاء، وضمان حقوق المستهلك، وتطوير البيئة التحتية، والاهتمام بالجوانب البيئية للمجتمع الداخلي والمحيط، كما يحفز الشركات لتمويل بعض المناشط، التي لا تحقق عائدا مباشرا لها، وتنظر لنشاطاتها كضمانات لاستمرارها في مجال الأعمال على المدى البعيد، والمحافظة على حقوق الأجيال القادمة في المحافظة على الموارد الطبيعية والبيئة.
من المستغرب أن تسقط هذه التوصية في وقت تشهد المملكة فيها تحولا اقتصاديا واجتماعيا كبيرين، ستنقل المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة في إدارة وممارسة العلاقة بين القطاع الخاص والمجتمع والدولة. وما زال الأمل قائما في أن تتبنى جهة ما توصية هكذا لضمان تحقيق التنمية المستدامة والشاملة.