سعودة قطاع التجزئة وصيانة الجوالات
أصدرت وزارة العمل أخيرا قرارا يقضي بقصر بيع وصيانة أجهزة الجوّالات وملحقاتها على السعوديين والسعوديات فقط، وقد وجد هذا القرار ردود فعل إيجابية من جزء من المجتمع. وأعتقد أن الوزارة تريد من الجميع أن يصفق لها على هذا القرار، لأنه نابع من سعي الوزارة لتحقيق مكاسب وهمية على حساب قضية كبيرة هي "السعودة".
الوزارة عندما اتخذت هذا القرار وأصدرته لم تدعم قرارها بأية بيانات تجعل المستقلين يحكمون على هذا القرار من ناحية جرأته، أو من ناحية فرص نجاحه المحتملة. في حين أن الوزارة تمتلك خبرات متراكمة غير ناجحة في قضايا سعودة بعض القطاعات الدنيا من ناحية الأجر أو التأثير، ومهملة قطاعات ضخمة قادرة على استيعاب كثير من أبنائنا وبناتنا المؤهلين علميا للدخول في هذه الوظائف والمحافظة عليهم.
تقول بيانات الهيئة العامة للإحصاء عن عام 2014 إن جملة المنشآت حسب فئة حجم المشتغلين والنشاط الاقتصادي في قطاع الاتصالات 3095 منشأة منها 76 في المائة تقريبا منشآت تعمل بأقل من خمسة مشتغلين بدخل تقريبي 3.600 ريال شهريا، ونسبة السعوديين المشتغلين في قطاع الاتصالات تقارب 80 في المائة لجميع فئات حجم المنشآت.
وتذكر البيانات أيضا أن جملة المنشآت حسب فئة حجم المشتغلين والنشاط الاقتصادي في نشاط إصلاح الحواسيب والسلع الشخصية والمنزلية 13084 منشأة منها 96 في المائة تقريبا تشغل أقل من خمسة موظفين، وبدخل تقريبي أقل من 2500 ريال شهريا. وأن نسبة السعوديين العاملين في نشاط إصلاح الحواسيب والسلع الشخصية والمنزلية 22 في المائة تقريبا.
وبقياس هذا القرار على قرارات الوزارة السابقة كسعودة محال الخضار، ونشاط النقل "الليموزين" ونشاط بيع الذهب. يمكن القول إن أشد المتفائلين بهذا القرار لن يتوقع نجاحا استثنائيا عن القرارات السابقة. بل ستظهر لنا ظاهرة جديدة في التستر من خلال التوظيف الوهمي للشباب مقابل مبالغ زهيدة جدا للانتفاع ببياناتهم لدى وزارة العمل تطبيقا للنطاقات المطلوبة.
هذا السوق يعاني كثيرا من إخراج الكفاءات الوطنية بسبب التكتل والتستر من العمالة التي تسيطر على هذا النشاط. والسؤال الذي يجب أن تتم الإجابة عليه: من سمح لهذا النشاط بأن يتضخم إلى درجات لا يمكن رؤيتها في دول العالم الأخرى؟.
فرص توظيف الشباب السعودي يجب أن تبدأ من الوظائف الأكثر دخلا التي تتناسب مع التأهيل العلمي الذي يحصلون عليه. وظائف بيع الإكسسوارات وصيانة أجهزة الجوال ليست من الوظائف التي ستؤثر كثيرا على الدخل الوطني أو على تضييق الخناق على موضوع البطالة. هذه الأنشطة قد تتأثر كثيرا بالتجارة الإلكترونية وتنحسر ظاهرة وجود هذه المجمعات مع الوقت ومع نمو التجارة الإلكترونية. وموضوع الصيانة يجب أن يراعى فيه وجود كيانات كبيرة للتعامل مع الصيانة وتأمين قطع الغيار من أجل تحسين مستوى الخدمة في هذا المجال، وليس من أجل إحلال الشباب السعودي على محال الصيانة التي هي في الأصل وجودها غير مبرر.