Author

2016 .. الاختبار الأهم

|
هذا الأسبوع في السعودية بلا شك أسبوع الأرقام المليارية والحديث الاجتماعي الاقتصادي عن موازنة الدولة ومالها من تداعيات على حياة السعوديين بالدرجة الأولى. ركزت ميزانية هذا العام على البنى التحتية والموارد البشرية اللتين تعتبران من أهم المجالات لتطوير الاقتصاد وإعطاء القيمة المضافة له. الآراء الاقتصادية ترى أنها موازنة تحول نحو الإنتاجية والمعرفة باتجاه تنويع مصادر الدخل وهو ما يعكس أن السعودية مستمرة في نهج دعمها للاستثمار في الإنسان في كل الأحوال. من يقرأ ما وراء الأرقام المليارية، سيجد أن هناك دورا كبيرا للقطاع الخاص في برنامج التحول الوطني. فهو استدعي كشريك في نوع جديد من الشراكة، الفعالة التي لها آلية اتخاذ القرار وتنفيذه لتحقيق الأهداف المرسومة لها. هذه الشراكة ستحدد الأدوار ويجد القطاع الخاص أن له الدور الأكبر لدفع عجلة التنمية فيما يقتصر دور الدولة على التشريع. وما تخصيص نحو ربع الميزانية للتعليم والتدريب إلا لصناعة الكوادر الوطنية المؤهلة لإدارة هذه العجلة. هذه الشراكة تحتم على القطاع الخاص التعرف على وتبني نهج جديد في الإدارة محوكم ومنتج ولا يعتمد على النتائج الفصلية ويستثمر في إيجاد الكفاءت المؤهلة في قطاعه لأنه سيكون شريكا في التخطيط والتشريع ما يعني المشاركة في رسم سياسات التنمية الاقتصادية. وهذا ما يسمى التشريع المسؤول الذي يشرك جميع أصحاب المصالح في حوار يكفل مصلحة جميع الأطراف كل على حده وليس لطرف على حساب الآخر. وقد زخرت أدبيات التنمية البشرية بأشكال تلك الشراكة ومستلزمات نجاحها وأمثلة على تطبيقها. فعلى المستوى العالمي هناك وضوح في الأدوار لكل قطاع لتحقيق التكامل بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع. وفي الاقتصاديات الواعدة نجد بعض الدول أخذت زمام المبادرة في هندسة شراكات ناجحة لمشاريع تنموية مستدامة. وقد تنوعت تجارب هذه المشاركة بين دولة وأخرى. ففي بعض البلدان شهدنا تشكيل لجان حكومية خاصة في كل وزارة وجهاز حكومي، بينما شهدت بلدان أخرى هيئات مشتركة على مستوى كل قطاع اقتصادي لتطوير استراتيجيات مشتركة خاصة بهذا القطاع. يستلزم أن نذكر هنا أن مفهموم الشراكة بين القطاعين للتنمية ليس بجديد على أسماعنا. في الـ15 عاما الماضية عقدت عشرات من المنتديات لاستعراض التجارب الناجحة، في الداخل والخارج، ولكن اليوم نستيقن أنها ليست تلك الشراكات التي نتحدث عنها. بل نتحدث عن شراكات تعتمد المعرفة والإدارة الكفؤة والإنتاجية والقياس والأبحاث. اليوم نحن في أمس الحاجة لنبدأ المسار نحو التنوع والتكامل الاقتصادي وإيجاد قاعدة اقتصادية - اجتماعية صلبة للنمو ورفع كفاءة تشغيل المرافق والحد من الهدر المالي وتوليد فرص توظيف مجدية. شخصيا، أعتقد أننا أمام موازنة لا يناقشها الاقتصاديون فقط كما كانت العادة، بل تناقشها كل شرائح المجتمع كونها معنية أكثر بحوار اقتصادي تنموي يشمل الجميع لتحقيق تنمية مستدامة. تحدثت اليوم عن الشراكة المحورية للتنمة لأهمية الدور المتوقع من القطاع الخاص في هذه المرحلة.
إنشرها