دعوى جائرة

انطلقت مواقع التواصل الأمريكية في حملة هجوم كاسح على سيدة رفعت دعوى على ابن أختها الذي لا يتجاوز عمره الـ 12 بسبب احتضانه لها بقوة أدت إلى إصابتها بكسر في اليد. رأى المغردون أن التصرف من الخالة لم يكن لائقا، لابن أختها الذي كان يعبر عن حبه لها، وإن كان بطريقة "عنيفة".
طالبت الخالة ابن أختها بدفع 176 ألف دولار تكاليف علاجها، وهي تكلفة لم تدفع شركة التأمين منها سوى 150 دولارا. انطلق الجميع في تجريم الخالة والتلفظ عليها بشتى أنواع الإساءات، وهو ما جعلها تعيش أياما من الحزن والغضب بسبب عدم تقدير الآخرين لحالتها الصحية وعدم تمكنها من دفع تكاليف العلاج.
إلا أن أحد المحامين رأى أن التصرف عادي، وهو يتكرر في الولايات المتحدة باستمرار لأسباب كثيرة من أهمها إشكالية التأمين الذي لن يدفع للسيدة تكاليف العلاج بناء على تصرف مثل هذا، والدليل أن الشركة لم تدفع سوى مبلغ زهيد لا يعادل واحدا في الألف من التكلفة التي تحملتها السيدة نتيجة علاج تلك الإصابة.
استخدمت العائلة ثغرة قانونية في تأمين الطفل تسمح بأن يدفع نتيجة ما يسببه من أضرار لأي شخص آخر، لم تستثن بوليصة تأمينه أفراد العائلة، كما حدث مع خالته، فاتفق الجميع على أن تتقدم الخالة بدعوى للحصول على المبلغ الكافي لعلاجها فقط، وهو ما حدث فعلا.
يدفعني هذا الموقف للتفكير مليا فيما يمكن أن تجنيه شركات التأمين من مكاسب نتيجة محاولة تقليص فرص التغطية، كما فعلت مع الخالة التي خرجت من القضية كاسبة. وكيف يمكن أن يتوقع شخص كل الحالات التي يضطر للتأمين عليها وهو لا يحصل على الإحصائيات والمعلومات المتوافرة للشركات.
ثم إن الشركة التي اضطرت لدفع التعويض ستبدأ في صياغة وثائق جديدة تحاول فيها أن تلغي تلك الثغرة التي أوقعتها في الفخ. لكن الدور الأخلاقي للجهات المسؤولة عن تنظيم سوق التأمين يستدعي أن يتم العمل على تقليل القيود التي تضعها الشركات في وثائق التأمين التي تكتب بخط رفيع، ليتكاسل طالب التأمين عن قراءتها - خصوصا أنها تشغل صفحات، ليوقع في النهاية على وثيقة لا تسمن ولا تغني من جوع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي