وزارة الأشغال .. والحاجة إليها اليوم
كانت لدينا وزارة للأشغال حينما كانت الحاجة إليها أقل بكثير من حاجتنا إليها اليوم، حيث المشروعات الكبرى التي يتطلب تنفيذها إشرافا فنيا من جهة متخصصة بدل إسناد هذا الإشراف إلى جهات أخرى لديها من المهام والمسؤوليات ما يوجب تفرغها الكامل للقيام بها، ومنها وزارة المالية وشركة أرامكو السعودية وهما الجهتان اللتان أسندت إليهما مهمة الإشراف الفني على تنفيذ مشروعات مهمة كجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية وجامعة الأميرة نورة والمدينة الرياضية في مدينة جدة والمدن الاقتصادية في عدد من المناطق، وأهم من ذلك كله مشروع توسعة الحرمين الشريفين.. ولقد ظهرت الحاجة إلى وجود جهة إشرافية واحدة عند سقوط الرافعة في الحرم المكي وما نتج عنها من وفيات وإصابات، وكان من الصعب تحديد المسؤولية الإشرافية الموزعة بين جهات عديدة وجميعها غير متخصصة في الإشراف الفني ولو كانت هناك وزارة للأشغال لكانت هي الجهة المشرفة الفنية الوحيدة في جميع المشروعات التي تنفذها الدولة لضمان اختيار المقاول القادر على التنفيذ، ثم مراقبة التقيد بالجدول الزمني للتنفيذ مع التأكد من الجودة في التنفيذ. وجميع هذه الشروط لا يتم التأكد منها حاليا لأن أقسام المشاريع والإدارات الهندسية الصغيرة في الوزارات التي يتشكل معظم أجهزتها من موظفين إداريين ليست لديها المقدرة الفنية على القيام بذلك.
ولو أعيد تشكيل وزارة الأشغال من جديد فإن تكلفة ذلك لن تكون كبيرة لأسباب يعلمها الجميع، فالجهاز الوظيفي موجود ومكون من مئات الموظفين في الأقسام الهندسية والفنية في الوزارات، الذين يسمح عددهم باختيار الأكفأ منهم كجهاز فني للوزارة المقترحة والبقية للخدمات الإدارية المساندة، كما أن مبنى وزارة الأشغال السابقة موجود ومستخدم حاليا من قبل وزارة الشؤون البلدية والقروية التي لديها مبنى آخر يقع على طريق الملك فهد في موقع ممتاز وبتصميم مميز تحيط به النخيل من جميع الجوانب.
وعودة إلى مهام وزارة الأشغال أقول إن عديدا من الدول تعد هذه الوزارة من أهم أجهزة الدولة التي تضمن تنفيذا جيدا للمشروعات بعيدا عن التعثر وبجودة عالية، وهي في الوقت نفسه جهة إشرافية واحدة يمكن اللجوء إليها لتحديد المسؤولية عند حدوث أي تأخير أو تقصير في تنفيذ المشروعات.. ويمكن لهذه الوزارة الاستفادة من الكوادر الهندسية الوطنية التي تحتاج إلى التدريب العملي بعد أن تخرجت في الجامعات المحلية والعالمية وظلت تبحث عن فرص العمل في مجال تخصصاتها، ثم اضطرت للالتحاق بأعمال إدارية لا علاقة لها بالتخصص.. كما يمكن لوزارة الأشغال التعاون والتنسيق مع سلاح المهندسين التابع لوزارة الدفاع، المشهود له بالكفاءة والمهنية العالية.
وأخيرا: أضع هذا المقترح لإعادة تشكيل وزارة الأشغال العامة أمام مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي يرأسه الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز لكون هذا المجلس هو الذي يسعى إلى إعادة هيكلة الجهاز الحكومي، ليصبح قادرا على تنفيذ طموحات القيادة في الارتقاء بهذا الوطن إلى مصاف دول العالم الأول، وهو قادر بما يملكه من كفاءات وإمكانات على ذلك ــ بإذن الله.