نحن وأمريكا .. وعلاقة الأنداد
العلاقة بين الدول .. كالعلاقة بين الأشخاص إما أن تقوم على خوف أو رجاء أو أن يكون أساسها مصالح متبادلة وهنا تسمى علاقة الأنداد .. ويوم قال الملك سلمان بن عبدالعزيز للرئيس الأمريكي أوباما أثناء زيارته له في البيت الأبيض "المملكة ليست بحاجة إلى شيء من أحد ولكن يهمها الاستقرار لشعوب المنطقة"، كان ذلك بمنزلة تأكيد صريح أن علاقة البلدين هي من نوع علاقة الأنداد القائمة على المصالح المتبادلة وإلا فإن من المعلوم أن معظم من يجلس عل الكرسي نفسه الذي جلس عليه الملك سلمان قد جاء لطلب المساعدة من الولايات المتحدة.. والسعودية وإن كانت تحتاج إلى شراء الأسلحة الأمريكية المتطورة فإنها تدفع ثمنها كاملا غير مخفض أو مؤجل، وبإمكانها أن تشتري ما تريد من أسلحة أو بضائع من مصادر أخرى.
وفي ظل هذه "الندية" التي قوبلت بالارتياح من مواطني هذه البلاد ظهرت عدة دعوات إعلامية بعضها جديد وبعضها طرح من قبل على أن تؤطر العلاقة مع الولايات المتحدة ومع جميع الدول الكبرى على أساس "الدبلوماسية العامة أو الشعبية"، أي أن تكون العلاقات ليس فقط بين الحكومتين، وإنما بين منظمات المجتمع المدني والجمعيات المتخصصة والجامعات والشركات ورجال الأعمال حتى الأفراد العاديين.. وحسب علمي فإن أول من طرح هذه الفكرة هو الدكتور إبراهيم المطرف المتخصص في العلاقات الدولية الذي يؤكد أن للدبلوماسية الشعبية دورا مهما في كسب التأييد والدعم الجماهيري للمواقف السياسية لأي دولة في دولة أخرى.. ويعمل الدكتور المطرف منذ فترة على بلورة فكرة الدبلوماسية الشعبية أو العامة كما تسمى في الولايات المتحدة لتشكيل جمعية أهلية للعمل على تقوية العلاقات بين البلدين من خلال هذه القناة المهمة التي تمثل عملا مؤسسيا لا يرتبط بالحكومات وعملها الرسمي، بل بالمكونات والشرائح المجتمعية المختلفة والمتعددة للشعب الأمريكي.
ويضيف آخرون ممن تحدثوا عن هذا الجانب أثناء زيارة الملك سلمان الناجحة إلى واشنطن أن السعودية لديها إمكانات كبيرة لتفعيل الدبلوماسية العامة، حيث إن مجموعة كبيرة من مواطنيها قد تخرجوا من الجامعات الأمريكية وبعضهم يشغل مناصب مهمة في الدولة وفي القطاع الخاص، كما أن عشرات الآلاف من طلابها يدرسون في الجامعات الأمريكية إضافة إلى رجال الأعمال من البلدين الذين يرتبطون بمصالح تجارية قوية.. ويمكن أن تزداد هذه المصالح بعد قرار فتح السوق السعودية وإلغاء التوكيلات الحصرية التي تركزت خلال عقود من الزمن في أيدي مجموعة محدودة من الوكلاء.
وأخيرا: هناك شريحة مهمة في دبلوماسيتنا الشعبية المنتظرة وهي قدامى موظفي شركة أرامكو من الأمريكان وعائلاتهم فهم يحتفظون بذكريات طيبة عن بلادنا، وقد ظهر ذلك في اللقاء الجميل بين الملك سلمان وسيدتين أمريكيتين سبق أن قابلتا الملك عبدالعزيز ومثل هاتين السيدتين الكثير رجالا ونساء ينشرون السمعة الطيبة عن مجتمعنا في المجتمع الأمريكي الذي نحتاج إلى تصحيح الصورة الخاطئة التي ينقلها عنا الإعلام المعادي بجميع الوسائل.