Author

مؤشر شنغهاي لأفضل الجامعات .. مجددا

|
في عام 2003 قام الصينيون من خلال جامعة جياو تونج في شنغهاي بخلق ما أطلقوا عليه مؤشر جياو تونج أو مؤشر شنغهاي لتصنيف الجامعات حول العالم - وهو تصنيف أكاديمي للجامعات ومؤسسات التعليم العالي على مستوى العالم. وكان هدف الصينيين الوحيد من وراء هذا العمل هو تحديد موقع جامعاتهم في مجال التعليم العالي في العالم، وقياس الفارق بين مؤسساتهم الجامعية ومثيلاتها في دول العالم الأخرى، ولا سيما المتقدمة منها، أملا في تقليص الهوة بينها وبين الجامعات الأمريكية والأوروبية وغيرها من الجامعات النخبوية في العالم فيما يتعلق بالأداء الأكاديمي والبحث العلمي. ومن هنا فإن هذا المؤشر صيني بحت وأستحدث لأغراض الصينيين واحتياجاتهم فقط، لكن ما حصل هو أنه راج عالميا وصار يعتمد عليه. وربما بسبب الأهداف المشار إليها اعتمد مؤشر شنغهاي على معايير محددة عند تقييمها للجامعات حول العالم. من هذه المعايير على سبيل المثال: مرور الفائزين بجائزة نوبل على الجامعة سواء من خلال الدراسة أو التدريس، نسب نجاح الخريجين، حجم الدراسات والأبحاث التي خرجت من الجامعة ونــُشرت في مجلتي "نيتشر" و"ساينس" البريطانيتين، نسبة الإشارة إلى تلك البحوث وجامعاتها في وسائل الإعلام والمجلات العلمية، وأخيرا مستوى الأداء الأكاديمي. وقد أثارت هذه المعايير، وما ينجم عنها سنويا من تصنيف للجامعات، الكثير من الجدل في أوساط الأكاديميين، ولا سيما في أوروبا التي ترى أن مؤشر شنغهاي - بسبب اعتمادها على المعايير المشار إليها - يمنح مراكز متقدمة للجامعات الأنجلوسكسونية في الولايات المتحدة وبريطانيا على حساب الجامعات الأوروبية، ومنها جامعات أعرق تاريخا وأكثر مساهمة في الناتج الحضاري. ولعل أكثر ما يدلل على هذا الشق هو تصريح أدلت به سكرتيرة الدولة الفرنسية للتعليم العالي والبحث "جنفييف فيوراسو" في آب (أغسطس) الماضي وقالت فيه إن تصنيفات "جياو تونج" للجامعات تناسب الدول الناطقة بالإنجليزية أكثر من الدول الناطقة بغير الإنجليزية، مضيفة: "لا يمكننا أن نبني سياسة التعليم العالي والبحث لدينا على أساس هذه المؤشرات". والجدير بالذكر أن قائمة عام 2014 لأفضل 500 جامعة في العالم طبقا لمؤشر شنغهاي والمعايير المستخدمه فيه هيمنت عليها مجددا الجامعات الأنجلوسكسونية، حيث ظهر فيها اسم مائة جامعة أمريكية تتقدمها هارفرد وستانفورد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة بيركلي في كاليفورنيا في المراكز الأربع الأول، واسم 22 جامعة بريطانية تتقدمها جامعات كامبردج وأكسفورد وكلية لندن الجامعية وأمبريال كوليدج في المراتب 5، 9، 20، 22 على التوالي، واسم 12 جامعة كندية تتقدمها جامعة تورنتو في المركز 24، وجامعة بريتش كولومبيا في المركز 37، واسم عشر جامعات أسترالية تتقدمها جامعة ملبورن في المركز 44 وجامعة أستراليا الوطنية في المركز 74. أما الجامعات الأوروبية غير البريطانية التي وردت في القائمة فقد بلغ عددها الإجمالي 132 جامعة انتمت إلى ألمانيا (28 جامعة) وفرنسا (18 جامعة) وإيطاليا (15) وإسبانيا (11) وهولندا (11) والسويد (7) وسويسرا (7) وبلجيكا (5) وفنلندا (5) والنمسا (3) (وأيرلندا (3) والدانمارك والبرتغال واليونان وهنجاريا وروسيا (جامعتان لكل منها) والنرويج وبولندا وجمهورية التشيك وصربيا (جامعة واحدة لكل منها). وبتفحص القائمة وتفكيك نتائجها على المستوى الأوروبي يتبين أن أفضل المراكز ذهبت إلى دولة أوروبية صغيرة هي سويسرا التي جاءت جامعاتها ومعاهدها العليا ضمن المراتب المائة الأولى يتقدمها "المعهد الاتحادي السويسري للتكنولوجيا" في المركز 19، وجامعة زيوريخ في المركز 56. وبالمثل حققت السويد المراكز 5، 47، 60، بفضل معهد كارولنسكا وجامعتي أوبسالا وستوكهولم، فيما كان أفضل مركز حققته ألمانيا هو المركز 49 الذي ذهب إلى جامعة هايدلبيرج، وأفضل مركز حققته فرنسا هو المركز 17 بفضل جامعة ماري كوري، وأفضل مركز حققته هولندا هو المركز العاشر لصالح جامعة أوتريخت، وأفضل مركز حققته فنلندا هو المركز 73 بفضل جامعة هلسنكي. أما الجامعات الإيطالية والإسبانية والبرتغالية والنمساوية واليونانية والأيرلندية فقد حلت ضمن المائتين أو الثلاثمائة الأولى من الجامعات الواردة في القائمة. وشهد تصنيف هذا العام محافظة جامعتي طوكيو وكيوتو اليابانيتــين، على مركزيهما "21 و26"، كما في الأعوام السابقة، وحضور عدد من الجامعات الصينية والكورية الجنوبية والتايوانية والهندية والماليزية والسنغافورية والهونجكونجية، إضافة إلى جامعتين من جنوب إفريقيا وواحدة من تركيا "جامعة إسطنبول" وأخرى من إيران "جامعة طهران"، وجامعات من البرازيل والمكسيك والأرجنتين وتشيلي. عربيا لوحظ تخلف الأقطار العربية عن إسرائيل التي دخلت قائمة هذا العام كما قوائم الأعوام السابقة عبر الجامعة العبرية في القدس، ومعهد إسرائيل للتكنولوجيا وجامعة تل أبيب وكلها حققت مراكز متقدمة ضمن الجامعات المائة الأولى. ذلك أن أفضل النتائج العربية تمثلت في حصول جامعة الملك عبد العزيز في جدة على المركز 156، وجامعة الملك سعود الأول على المركز 157 وجامعة العلوم والتكنولوجيا في الرياض على المركز 426، فجامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران في المرتبة 427. أما أعرق الجامعات العربية وأقدمها وهي جامعة القاهرة فلم تحظ إلا بالمركز 410 فيما غابت جامعات لبنان كلها بما فيها جامعة بيروت الأمريكية العريقة. ومن الجدير بالذكر، أن المراتب التي حققتها الجامعات السعودية لئن أشاعت جوا من الفرح والثقة بأن القائمين على التعليم العالي في السعودية يبذلون جهودا حثيثة للارتقاء بجامعاتهم وتحسين مستواها الأكاديمي والبحثي، فإنها أثارت من ناحية أخرى جدلا كبيرا بسبب تغير مراكز الجامعات السعودية المذكورة في التصنيفات المختلفة. فمثلا في التصنيف الإسباني للجامعات المعروف باسم "ويبو ماتريكس" جاءت جامعتا الملك سعود والملك فهد في المركزين 164 و178 على التوالي، وجاءت جامعة الملك عبد العزيز في المرتبة 291 فجامعة أم القرى في المرتبة 681. وفي تصنيف "كيو إس تايمز" حصلت جامعتا الملك سعود والملك فهد على المركزين 221 و255 على التوالي. أما في تصنيف "التايمز" للجامعات فقد تغير الأمر مرة أخرى. إذ جاءت جامعة الملك فهد في المرتبة 349، وجامعة الملك سعود في المرتبة 363. ولعل كل هذا يؤكد أن تباين المعايير المتبعة يفضي إلى تغير مراكز الجامعات، وبالتالي تنتفي الدقة في إسباغ الهالات على هذه الجامعة ونفيها عن الأخرى.
إنشرها