طاقة الكتلة .. سيف ذو حدين
تستخرج طاقة الكتلة الحيوية من بقايا النباتات، والمحاصيل، والغابات، وبذور وسيقان الذرة، ومحاصيل الطاقة، والأعشاب المعمرة، والأشجار سريعة النمو مثل الحور، على سبيل المثال لا الحصر. ويمكن أن تستغل في صنع الوقود الحيوي السائل الذي يمكن أن يستخدم كبديل للنفط، أو لتزويد المنازل بالطاقة الحرارية أو الكهربائية. وتمثل طاقة الكتلة الحيوية ما يقرب من نصف إجمالي الطاقة المتجددة المنتجة في الولايات المتحدة، وتستخدم هناك أكثر مما تستخدم في أي بلد آخر في العالم.
وطاقة الكتلة الحيوية هي سيف ذو حدين، ويتوقف هذا الأمر على كيفية ومكان إنتاجها. حيث يمكن إنتاجها بطرق تحد من ملوثات الاحتباس الحراري أو بطرق تزيد من هذه الملوثات. ويمكنها أن تساعد في تنظيف الهواء والماء، والتربة، وحماية الحياة البرية، أو يمكنها أن تلوث الأراضي، والغابات، والمياه، وتهدد التنوع البيولوجي، وتضر بالصحة العامة.
وتستخرج معظم الكتلة الحيوية التي نستخدمها تجاريا اليوم من موارد غير مستدامة. والتحدي الذي يواجهنا هو ضمان إنتاج طاقة الكتلة الحيوية بالطرق التي لا تقلل من ملوثات الاحتباس الحراري فحسب، بل أيضا تحمي البيئة ولا ترفع أسعار المواد الغذائية. وبعبارة أخرى يجب على طاقة الكتلة الحيوية القيام بمهمتها أفضل من أنواع الوقود الأحفوري الذي تحل محله.
تحتبس النباتات وتخزن الطاقة الشمسية أثناء نموها. وتستخرج طاقة الكتلة الحيوية اليوم من المحاصيل السنوية التي تزرع بالتحميل، مثل الذرة، وفول الصويا، والمخلفات الزراعية، مثل قش الأرز وقصب السكر المضغوط، والخشب، بما في ذلك الأشجار الكاملة، من الغابات التي تعد مصدرا كثير المشاكل للكتلة الحيوية. ويعكف الباحثون على تطوير طرق لإنتاج الطاقة من"محاصيل الطاقة" الخاصة سريعة النمو ذات الناتج المرتفع مثل الصفصاف، والحشيشة الفضية، والتبن.
ويمكن معالجة كل هذه المواد النباتية بطرق مختلفة لإنتاج الطاقة والوقود. ويمكن للكتلة الحيوية أن:
- تحرق في محطات توليد الطاقة لإنتاج الحرارة أو الكهرباء، مع تولد انبعاثات ضارة أقل من الفحم.
- تخمر لإنتاج الوقود مثل الإيثانول للسيارات والشاحنات.
- تهضم بواسطة البكتيريا لتوليد غاز الميثان لتشغيل التوربينات.
- تسخن في ظل ظروف خاصة، أو "تعالج بالغاز" لتتحلل إلى مزيج من الغازات التي يمكن أن تحرق لتوليد الكهرباء أو تستخدم في صنع مجموعة من المنتجات المختلفة من الديزل إلى البنزين إلى المواد الكيميائية.
وتستخرج معظم طاقة الكتلة الحيوية التي نستخدمها اليوم من مصادر غير مستدامة ولا تشكل تحسنا عن الوقود الأحفوري: فالإيثانول الذي يحضر بتخمير المحاصيل الغذائية مثل الذرة وقصب السكر، التي تتطلب كميات كبيرة من الأراضي والمياه والمواد الكيميائية لتنمو، والخشب أو حتى الأشجار الكاملة من الغابات، والتي غالبا ما "تحرق مع" الفحم في محطات توليد الطاقة، تزيد من ملوثات الاحتباس الحراري وتهدد الغابات كذلك.
ويمكن أن يكون للتركيز على المحاصيل الغذائية مثل الذرة أو فول الصويا كمصادر للوقود الحيوي عواقب اقتصادية وبيئية غير مقصودة. فحصاد هذه المحاصيل بهدف إنتاج الوقود الحيوي يمكنه رفع سعر علف المواشي وربما طعام البشر أيضا. لأن هذه المحاصيل تزرع باستخدام كميات كبيرة من الأسمدة، والأراضي، والماء، ويمكن أن تتضرر جودة المياه ومدى توافرها بسبب تآكل التربة والتلوث الناتج عن انتشار الأسمدة. وإجمالا يعد إنتاج الإيثانول من الذرة سببا لتوليد الملوثات الكربونية بشكل يفوق النفط الذي يفترض أن يحل محله.
والخشب أيضا يمكن أن يكون مصدرا كثير المشاكل للوقود الحيوي، إذا لم يتم جمعه على نحو مستدام. ومن المتوقع أن يزداد الطلب على نشارة الخشب بشكل كبير خلال السنوات القليلة المقبلة.
وحرق شجرة كاملة لا يطلق الكربون المخزون بها فحسب، بل يقضي على قدرة الشجرة مستقبلا على امتصاص المزيد من الكربون. كما أن حصاد الأشجار الكاملة بغية الحصول على الطاقة يزيد من التلوث الكربوني ويجرد الغابات، التي تعد أحد أفضل دفاعاتنا ضد ظاهرة الاحتباس الحراري. ويمكن للطلب المزايد بسوق الطاقة الحيوية أن يضع المزيد من الضغط على النظم البيئية المجهدة بالفعل.
والأهم من ذلك أن اللوائح المحلية والاتحادية والدولية تحتاج أنتميز بوضوح بين أنواع طاقة الكتلة الحيوية النافعة والضارة. حيث يمكن لمعالجة جميع أنواع الكتلة الحيوية بغض النظر عن مصدرها كما لو كانت جميعها محايدة كربونيا، أن تؤدي إلى زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري حول العالم. فالحسابات غير الدقيقة عالميا للطاقة الحيوية يمكن أن تؤدي إلى إزالة واسعة النطاق للغابات على مستوى العالم. ويجب على أي إجراء قانوني يستهدف الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري أن يتضمن نظاما للتمييز بين الانبعاثات الناتجة عن الطاقة الحيوية بناء على مصدر الكتلة الحيوية.