هل الشبكات الاجتماعية تجعلنا أغبياء؟
تتجه الأبحاث في علم اجتماع الإنترنت أو علم الاجتماع الإلكتروني إلى التركيز على الآثار الناتجة عن استخدام الإنترنت في خمسة مجالات: أولها التفاوت والمسائل المتعلقة بالفجوة الإلكترونية، ثانيها رأس المال الاجتماعي وتحديدا المسائل المتعلقة بإحلال الأشكال الأحدث محل الأقدم، وثالثها المسائل المتعلقة حول تكوين المجتمع المدني، ورابعها المنظمات الاقتصادية، وآخرها مجال المشاركة الثقافية والتنوع الثقافي.
الفجوة الإلكترونية مصطلح حديث ظهر في علم الحاسوب وعلوم الاجتماع مع بداية الألفية الجديدة. ويعرّفونها بأنها الفجوة بين الذين بمقدورهم استخدام الإنترنت بسبب امتلاكهم المهارة اللازمة والقدرة المادية وبين الذين لا يستطيعون استخدام الإنترنت. بعض الدراسات تنسب الفجوة الرقمية إلى الفجوة بين مستخدمي وسائل الاتصالات الحديثة وتقنية المعلومات بشكل عام وغير المستخدمين لها. هل يمكنني أن أدرج مفهوم الفجوة الإلكترونية لفارق الحياة بين عالم الافتراض وعالم الواقع للشخص المستخدم للتقنية؟
تساءلت الكاتبة إليزابيث وِيقل عما إذا كانت الشبكات الاجتماعية تجعلنا أغبياء أم لا. تقول إن البروفيسور كليفورد ناس من جامعة ستانفورد ناقش كيف أن الاستخدام المتزايد للشبكات الاجتماعية يضعف الذكاء الاجتماعي والعاطفي، فالأمر الذي تربينا عليه: "حين أحدثك يجب أن تنظر إلي" لم نعد نسمع به كالسابق وأصبح الناس يتحدثون مع غيرهم دون أن ينظر بعضهم لبعض.
درس البروفيسور ناس - الذي توفي في الخريف الماضي - علاقة الناس بالتقنية على مدى 24 عاما، وكان أحد المطورين للشرائح الدقيقة في شركة إنتل، ثم تحول إلى علم الاجتماع في دراسة علاقة الناس بالتقنية وأثرها فيهم، وكيفية استجابتهم للسيل اللامنتهي من الأخبار على شاشات التلفزيون وتويتر وأننا بطبيعتنا ضعفاء في مقاومة هذا السيل!
ويضيف أننا في زمن الحداثة وتعدد المهام أصبحنا في قلق دائم، ففكرة متابعة الأخبار تغزونا على مدى 24 ساعة، وأنه مع الوقت سنفقد القدرة على التركيز والتحليل والتفكير بوضوح!
أحد أشهر أبحاث البروفيسور ناس كان في عام 2009 قام بها هو وزملاؤه عن "تعدد المهام" multitasking . افترض في البحث أن الأشخاص الذين يستخدمون الأجهزة باستمرار سواء كانت شاشات التلفزيون أو الكمبيوتر أو الجوال فإن هذا يكوّن لديهم مهارة في تجاهل المعلومات ليست ذات الصلة، كما ينمي لديهم قدرة على الانتقال أو التبديل بين المهام بمهارة، ويقوي ذاكرة منظمة بشكل خاص! وحين ظهر في مقابلة تلفزيونية ذكر صدمته بأن كل افترضاته ورهانه كان خاطئا فلا شيء من ذلك يحدث، بل إنه يفعل العكس تماما! ويجب أن نعود الأطفال على عدم تعددية المهام في التقنية إذا كنا حريصين على أن نبقي تفكيرهم بصحة ووضوح. وجد ناس وزملاؤه أن الناس ترتبط بأجهزتها بطريقة اجتماعية، وأن العلاقات الناتجة من خلالها تتسبب في شعورهم سواء كان جيدا أم سيئا وأنها ليست مجرد أدوات، بل هي وسيلة اتصال بأشخاص حقيقيين.