خطبة الجمعة تختصر رسالة المسجد .. والتقريب لا التفريق

الجمعة عيد الأسبوع له قدسيته، وتظهر فيه أهمية رسالة المسجد في تناول ما يهم المجتمع من قضايا ومواضيع يتم تناولها في خطبة الجمعة، إن وجود تنسيق وتفاهم وترتيب بين وزارة الشؤون الإسلامية وخطباء المساجد ضروري للغاية، من أجل تحقيق الهدف من خطبة الجمعة، والبعد فيها عن أي طرح وتناول يضر بالأمن الفكري، أو يوظف الخطبة لمعالجة دينية أو ثقافية خاطئة، والجديد أن توضح وزارة الشؤون الإسلامية أن بعض خطب الجمعة ليس في المستوى المطلوب، فهناك إطالة غير مبررة وأحيانا تكرار غير مقبول، وفي حالات كثيرة يصاب المصلون بالملل والضجر.
ولأنه ليس من الصالح العام أن تتحول خطبة الجمعة إلى كلمة تسبب الشحن النفسي والتوتر والخروج عن أدب الاتزان في الأقوال والتعبير عن وجهة النظر الحكيمة، فالمسجد ملتقى لأفراد الحي، حيث يصلون جماعة ويتبادلون الحديث الودي حول أخبار أسر الحي وأفراده، ويسألون عن حاجاتهم ومتطلباتهم، كما أن على خطباء الجمعة مناقشة قضايانا الأسرية وتناول أحوالنا الاجتماعية والتركيز على إحياء القيم والأخلاق والتذكير بالنعم العظيمة التي نعيشها في هذه البلاد، فهناك مواضيع اجتماعية وتربوية ونصائح تمس حياة الناس اليومية يجب تناولها بما يفيد الأفراد في حياتهم اليومية وسلوكهم الفردي.
إن الواجب منع الظواهر السلبية التي بدأت تطل علينا، لأن من حق المصلين ارتياد المساجد في طمأنينة، وأداء الصلاة في سكينة، فهناك أئمة وخطباء مساجد يخوضون في المسائل السياسية والمذهبية ومن الواجب منعهم وحفظ هيبة المساجد وقداستها وتجنيبها القيل والقال والهرج والمرج، وعدم استغلال خطب الجمعة في المسائل السياسية والحزبية، لأن خطبة الجمعة ينبغي أن تقتصر على الوعظ والإرشاد وتذكير الناس بأحكام الدين وفضائله وبيان أحكام الشريعة فيما يهم الناس في شؤونهم اليومية ويحفظ السلم الاجتماعي.
إن للمساجد حرمة لا ينبغي تجاوزها، فالمساجد وضعت للدعوة وإقامة الصلوات والتقريب لا التفريق، وإن مما يفرق أن يتم استغلال منابر المساجد في أمور السياسة والقضايا الدولية، وهي مواضيع خارجة عن الهدف الأساسي للمساجد، حيث يتم ترسيخ القيم الإسلامية الأصيلة والمفاهيم الإيمانية الإيجابية التي تساعد على استقرار المجتمعات والإسهام في حل أزماتها ومعالجة مشكلاتها، وتعليم الناس أمور دينهم، وإنه لأمر محزن أن نرى شبابا صغاراً متحمسين للغاية في قضايا السياسة غارقين في أحداثها وكأنهم مَن صنعها أو يستطيع تغيير مسارها، ورغم قداسة الجهاد إلا أنه أصبح ضحية لكل مَن وقع في فخ الفكر الضال، يردّد كلاماً فارغ المضمون، هو للحلم أقرب منه للحقيقة. وهو باب للخطر والفتنة أكثر منه للعفاف والدعة.
إن المطلوب من الأئمة وخطباء المساجد أن يكونوا عونا للوطن، ومن واجب الأئمة وخطباء المساجد أن يساعدوا على توجيه الشباب والناشئة إلى الطريق المستقيم والصحيح، بعيداً عن الانحراف والتطرف والغلو، وأن دورهم في هذا عظيم، ليس فقط تجاه مجتمعهم، بل تجاه دينهم، فهم محتسبون في مجالهم وإن تلقوا مقابلاً مادياً، فالأجر الحقيقي من الله، كما أن الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة، حيث لا نزال حتى اليوم نتذكر مواعظ علمائنا الأجلاء الذين مضوا إلى ربهم وهم ينصحون ويحذرون مما نواجهه اليوم، وهو في الواقع أشد خطراً من الماضي، وأكثر تأثيرا في صناعة المستقبل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي