الأجانب .. توريس وكارينيو

يوشك موسم الكرة السعودية الجاري على بلوغ نقطته الأخيرة، ويثبت يوما بعد آخر ضعف إدارات الأندية السعودية في اختيار اللاعبين الأجانب وقلة استفادتها من مردودهم الفني لأسباب كثيرة أهمها آلية الاختيار، إذا كان هناك آلية من الأساس.
.. وأنت تقلب صفحات الأجانب هذا الموسم، تلاحظ أن نسبة تسجيل الأجانب للأهداف بلغت 45 في المائة من مجموع الأهداف المسجلة، وهي نسبة غير جيدة مقارنة بعددهم في خطوط الهجوم في الفرق، إذ لا يخلو خط مقدمة منهم في فريق عدا قلة، ورغم ذلك يتصدر الثلاثي المحلي فلاتة، السهلاوي، والشمراني قائمة الهدافين، ووحده الهلال من الفرق الكبيرة لا يملك مهاجما أجنبيا.
يبرز اسم البرازيلي اللامع تياجو نيفيز لاعب الهلال في صدارة الإعجاب الجماهيري، سجل ونافس على قمة الهدافين ولا يزال بـ 13 هدفا، بما يعادل هدفا في كل 129 دقيقة من الدقائق الـ 1686 التي لعبها حتى الآن، وهو رقم ممتاز للاعب رقم (10) في أي فريق، وصنع ستة أهداف فقط، وضعته في المرتبة السادسة متأخرا بهدف عن زميله في الفريق المواطن نواف العابد الذي لم يشارك كثيرا في الموسم. نيفيز تميز بالكرات الخلاقة كتسجيله من ركلات الركنية، وبقدمه السامة في الكرات الثابتة، ورغم أنه ليس الأفضل بالأرقام بين الأجانب إلا أن الأصابع تشير إليه بالأفضلية عند الحديث عن الأجانب جماهيريا.
رقميا لا أحد ينافس المغربي حسن الطير لاعب الشعلة، من موقعه في رأس الحربة سجل تسعة أهداف وصنع عشرة، متصدرا قائمة أفضل صُناع اللعب في الموسم بفارق ثلاثة أهداف عن أقرب أجنبي آخر وفارق هدف عن ملاحقه اللاعب المواطن يحيى الشهري. رقميا أيضا هناك أجنبي آخر يبرز اسمه وهو الكاميروني إيفولو مهاجم التعاون الذي سجل 11 هدفا وصنع أربعة وهو رقم جيد لولا أن دقائق لعبه كثيرة مقارنة بالبقية.
الفرق شهدت هذا الموسم أيضا، أكبر نسبة في تغيير الأجانب بين فترتي الصيف والشتاء، ولم يقتحم قوائم الأفضلية من لاعبي الشتاء سوى البرازيلي إيريك لاعب الأهلي الذي صنع أربعة أهداف - وهي مهمته الأساسية، مقابل هدف واحد هز به الشباك، في خمس مباريات فقط لعبها أساسيا وواحدة من قائمة البدلاء.
إذا ربطنا انسحاب الممولين الاستثماريين من الأندية في ضعف الموارد المالية التي يمكن بها عقد الصفقات، فإن الأرقام الكبيرة التي وقعت بها صفقات هذا الموسم تلغي هذا المبرر وتدحضه دحضا، إذا أين الأسباب الحقيقية؟
في ظني أن الأندية السعودية، درجت على اختيار لاعبيها الأجانب وفق الذائقة الشخصية فقط، متجاوزة القيمة الفنية والحاجة الجماعية للاعب ذاته وسط مجموعة الفريق، وتشهد التجارب على أن كثيرا من اللاعبين الأجانب حضروا إلينا، لأن أحدا منهم معجب به الرئيس أو واحد من جلسائه، وهذا خطأ منهجي واضح، إضافة إلى أن مسوقي اللاعبين ووكلاءهم كوّنوا علاقات خاصة مع مسيري الأندية بما يجرح موضوعية الاختيار، ما حولها إلى ما يشبه حظا ونصيبا.
ماذا يمكن أن تفعل الأندية أمام هذه المعوقات؟ أقترح أن تجنح إلى تحديد متطلباتها أولا والبحث عن لاعبين في متناول قدراتهم المالية، وفي إفريقيا والبرازيل الحل الأمثل، وعدم الاتجاه إلى مسابقات أوروبية قوية يكون اللاعب فيها قد أثبت فشله وتحول إلى جمع المال فقط، أو كتب تاريخه وينتظر ختاما هادئا.
مسابقتان مثل الدوري الروماني والمصري، تضمان الكثير من اللاعبين الموهوبين ذوي العقود الصغيرة والمتوسطة، ويمكن متابعتهم فعليا بلا "يوتيوب" ولا تسجيلات قديمة. ويجيد العاملون في هذه الأندية اقتناص مواهب الكرتين الإفريقية واللاتينية التي لا تجد مكانا في أوروبا القوية، وسيكون الدوري السعودي بصخبه الإعلامي والجماهيري مغريا لهم.
بعيدا عن كل هذا، وعن الأرقام، قلت للأورجوياني كارينيو: من أفضل لاعب أجنبي في الدوري السعودي هذا الموسم؟ أجاب بسرعة: الكولومبي توريس لاعب الشباب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي