الارتفاع في الإمدادات العالمية اختبار لتماسك أسواق النفط
من المتوقع أن تبقى أسواق النفط العالمية متخمة بالإمدادات طوال عام 2014، لكن نظراً لوجود عوامل عديدة تؤثر في أسعار النفط، ليس أقلها الوضع المتأزم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي قوض العرض في المنطقة وأبقى الأسواق العالمية في حالة ترقب، ليس من المتوقع حدوث تغيير كبير في الأسعار أو كما يسميه البعض تصحيحاً.
لكن، إذا كانت التطورات الإيجابية على جانب العرض ستؤتي بثمارها، فمن المرجح أن تتحرك منظمة أوبك هذا العام من أجل الحفاظ على التوازن النسبي في أسواق النفط العالمية وإبقاء أسعار الخام القياسية قرب مستوياتها الحالية.
تشير معظم التوقعات إلى أن إمدادات النفط من الدول المنتجة خارج منظمة أوبك سترتفع بصورة كبيرة بمعدل 1.5 مليون برميل في اليوم هذا العام، البعض حتى يضعها فوق هذا المعدل بكثير، لو أضفنا لهذا الارتفاع النمو المتوقع في إمدادات "أوبك" من سوائل الغاز الطبيعي والسوائل الأخرى، فإن الطلب على نفط المنظمة سينخفض بمعدل 500 ألف برميل في اليوم على أقل تقدير في عام 2014 كي تبقى أسواق النفط العالمية في حالة توازن.
متوسط أسعار خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط كان مستقراً إلى حد ما في عام 2013 مقارنة بعام 2012، في حين أن أساسيات أسواق النفط كانت متوازنة نسبياً إذا ما أخذنا في الاعتبار كميات النفط اللازمة لتشغيل البنية التحتية الجديدة. لقد تراجع خام بحر الشمال برنت ثلاثة دولارات للبرميل في العام الماضي إلى 108.7 دولار للبرميل، في حين ارتفع خام غرب تكساس الوسيط في أسواق نايمكس نحو أربعة دولارات للبرميل ليبلغ متوسط سنوي 98.05 دولار للبرميل.
في العام الماضي شهدت أسواق النفط العالمية بناء في المخزون الضمني للنفط Implied Stock بلغ نحو 600 ألف برميل في اليوم، لكن نحو 500 ألف برميل في اليوم من هذه الكمية استخدمت للسماح للنفط بالتدفق من رأس البئر إلى الأسواق لملء البنية التحتية الجديدة بسبب ارتفاع الاستهلاك في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادي وارتفاع إنتاج الصخر الزيتي في الولايات المتحدة.
عام 2013 شهد استمرار حالة التوازن النسبي في أسواق النفط العالمية على الرغم من أن إمدادات النفط من الدول المنتجة خارج منظمة أوبك وإمدادات "أوبك" من سوائل الغاز الطبيعي والسوائل الأخرى، ارتفعت بنحو 1.5 مليون برميل في اليوم، حيث انخفض إنتاج منظمة أوبك بنحو 900 ألف برميل في اليوم بسبب الاضطرابات الجيوسياسية، ولا سيما في ليبيا، التي انهار إنتاجها في النصف الثاني من العام.
من ناحية الطلب، من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على النفط بنحو 1.2 مليون برميل في اليوم في المتوسط هذا العام، بعد أن ارتفع في العام الماضي بصورة غير متوقعة بأكثر من مليون برميل في اليوم، على الرغم من النمو الباهت إلى حد ما للاقتصاد العالمي. حسب آخر توقعات صندوق النقد الدولي من المرجح أن ينمو الاقتصاد العالمي بنحو 3.6 في المائة في عام 2014، 0.7 نقطة مئوية أسرع من العام الماضي.
في عام 2014 من المتوقع أن يتجاوز الطلب على النفط في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادي الاستهلاك في الدول الأعضاء للمرة الأولى على الإطلاق على أساس سنوي، على الرغم من الأداء الجيد نسبياً لنمو الاستهلاك في الدول الصناعية الأعضاء في منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي مقارنة بالسنوات الأخيرة، والنمو الضعيف نسبياً للدول غير الأعضاء في المنظمة.
استهلاك النفط في الدول الأعضاء في منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي من المتوقع أن يتراجع بنحو 200 ألف برميل في اليوم هذا العام للسنة الثانية على التوالي، بعد أن انخفض في المتوسط بنحو 700 ألف برميل في اليوم سنوياً في السنوات السبع حتى عام 2012. الاقتصاد في هذه المجموعة من المتوقع أن ينمو بمعدل 2.0 في المائة في عام 2014، مقارنة 1.2 في المائة في العام الماضي، مع نمو أقوى بكثير في كل من الولايات المتحدة وأوروبا.
من جانب الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادي، من المتوقع أن يرتفع الطلب على النفط فيها بنحو 1.2 مليون برميل في اليوم هذا العام، مقارنة بمتوسط نمو سنوي قدره 1.5 برميل في اليوم منذ عام 2003. نمو الاقتصاد في هذه المجموعة من المتوقع أن يكون أسرع أيضاً في عام 2014 مقارنة بالعام الماضي، 5.0 في المائة مقارنة 4.5 في المائة.
من جانب العرض، شهد عام 2013 نموا قويا في إمدادات النفط العالمية، من المتوقع أن يستمر في الارتفاع هذا العام، مع استمرار نمو الإمدادات من الدول المنتجة خارج منظمة أوبك المدعومة بالزيادة المستمرة في إنتاج الصخر الزيتي من الولايات المتحدة، مع استمرار دول منظمة أوبك الخليجية الأساسية بتلبية الطلب المتزايد من قبل شركات التكرير المحلية ومن الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادي، التي تقوم ببناء بنية تحتية جديدة.
على الرغم من أن منظمة أوبك كانت قادرة على خفض إنتاجها بنحو 900 ألف برميل في اليوم في عام 2013، الطلب على نفط المنظمة من المتوقع أن ينخفض بنحو 500 ألف برميل في اليوم هذا العام أيضاً، نظراً للنمو الكبير المتوقع في إمدادات الدول المنتجة خارج المنظمة. إضافة إلى الارتفاع الكبير في إنتاج الولايات المتحدة والأداء الجيد للإنتاج الكندي من موارد الرمال النفطية، من المتوقع أن تكون هناك زيادات في الإنتاج طال انتظارها من دول مثل البرازيل وكازاخستان. إلى جانب النمو من الصخر الزيتي، من المتوقع أن تجد الإمدادات الأمريكية دعماً إضافياً من خليج المكسيك، حيث من المتوقع أن يبدأ الإنتاج من بعض مشاريع المياه العميقة الرئيسة، عليه من المتوقع أن يرتفع إنتاج الولايات المتحدة بنحو مليون برميل في اليوم في هذا العام.