.. وينتقدون ماجد
بما أن التحليل الفني علم ومهارة لا يمكن أن يكون مهنة مَن لا مهنة له، فكذلك فهم ماهية هذا العلم والمواصفات المتوافرة فيمن يستحق أن يحظى بلقب محلل فني عن جدارة واستحقاق يحتاج هو الآخر إلى من يستطيع التفريق بين أهل الاختصاص الملمين بطرائق التدريب وتفاصيل الأمور الفنية ممن أثروا ملاعب كرة القدم بتاريخ لا يمكن أن يخفى على متابع رياضي، وبين من امتهن تسطيح هذه المهنة فلم يعد يقدم إلا صورة خاطئة ومضللة لما يحدث في مباريات كرة القدم، وهذا أسوأ عمل يمكن أن يسهم في التشويش على الذائقة الكروية، والتأثير في مصداقية المحللين الفنيين.
في الدول التي سبقتنا كروياً يبقى التحليل الفني مهنة محترمة لا يمكن أن تمنح لأمثال هؤلاء المشوشين الذين لا يقدمون إلا الإسفاف والاستخفاف بعقلية المشاهد، والمشكلة أن لدينا من يريد أن نسير على هذا الخط فيبدأ في إطلاق الأحكام وانتقاد أساطير أهل الاختصاص، بل منح لقب المحلل لمن يرضي ميوله حتى لو لم يكن ممارساً لكرة القدم، والنتيجة بكل أسف انصراف المشاهد الذي أصبح مكرهاً أمام الشاشة عن متابعة محللي هذه المباريات الذين لا يقدمون جديداً على الصعيد الفني.
الأساطير في كرة القدم قلة يعدون على الأصابع، ولو كان باب التمني مشروعاً أمام قامة بمكانة الأسطورة ماجد عبد الله لكانت أول أمنية يمكن أن تجول في خواطر الرياضيين هي الاستفادة من موهبة ومهارة وخبرة السهم الملتهب في مجال التحليل الفني، لنضمن ترسيخ منهجه (الماجدي) وفكره العبقري الذي شهد به كارلوس ألبرتو وزاجالو وتيلي سانتانا وغيرهم من عباقرة كرة القدم العالمية، وهذا برأيي أقل أنواع الاستفادة من خبير من خبراء اللعبة على صعيد "الفيفا"!
هذه الخبرة (الماجدية) التي أسست لمنهج رياضي متكامل طالما استمتع بكل تفاصيله الساحرة كل من شاهد رأسياته الشاهقة ومهاراته السلسة ولغته المدهشة مع الأندية والمنتخبات التي نالها نصيب وافر من هذه الفرادة الكروية الثرية يجب أن تجيَّر لإثراء المتابعين والمشاهدين واللاعبين والمدربين والإداريين والأجيال التي لم تعاصر ماجد في الملاعب بآرائه النقدية والتحليلية.
لقد مارس ماجد عبد الله التحليل الفني على أرض الواقع، بل تدخل في تغيير طريقة أشهر المدربين العالميين، وأتذكر تدخله الصريح في طريقة لعب النصر في عهد جويل سانتانا فما كان من هذا المدرب إلا الإذعان لماجد عندما قلب الأمور رأسا على عقب، وجيَّر النتيجة لمصلحة فريقه بعد أن كان متخلفا بهدفين في إحدى المباريات، ويكفي للاستدلال على رؤيته الفنية الثاقبة أنه كان المحلل الوحيد الذي رشح إسبانيا بالفوز بكأس العالم 2010، وهي ما زالت تلعب في الدور الأول.
بالتأكيد هذا غيض من فيض (ماجدي)، ولا أقول هذا الكلام دفاعاً عن ماجد (المحلل)، فماجد لا يحتاج إلى شهادة من أحد، لكن هؤلاء النجوم الكبار هم أهل الاختصاص الفني الذين يمكن أن يثروا المشاهدين بآرائهم وأطروحاتهم الفنية، ويثروا القناة على الصعيد الاستثماري شئنا أم أبينا!