الملتقى الأول للجمعية الوطنية للمتقاعدين
حضور رائع وتنظيم جميل ميزا الملتقى الذي حواه المكان بروعته وتاريخه وقدسيته وجماله. مكة المكرمة أم القرى ومهبط الوحي ومربى نبي الأمة وحبيبته التي حلف بربه لولا أن أهلها أخرجوه منها لما خرج. هذه الجمالية والروحانية جعلت الملتقى جاذباً للجميع.
مبادرة فرع الجمعية الوطنية للمتقاعدين في مكة المكرمة تحسب لها بكل تأكيد، ولصاحب الفكرة كل تحية واحترام، ولجميع الأعضاء الذين عملوا في التنظيم والإعداد وتنفيذ الملتقى. هم كثر ولهم كل التقدير والاحترام والشكر الجزيل.
تعاني الملتقيات الأولى عادة نقص التجهيزات، وعجز الموازنات، وتدني التنظيم، وهذا أمر لم يكن في هذا الملتقى. كل شيء كان معداً بشكل احترافي. الاستقبال كان ودوداً وسهلاً ومرناً. المواعيد كانت دقيقة إلى حد بعيد. الجداول حوت العلم والجدية والترويح الجميل بين جنبات مكة المكرمة. أظن المنظمين وجدوا أنفسهم في مواجهة ضيق الوقت الذي حد من الأنشطة المصاحبة.
حوى الملتقى الذي عقد يومي الثلاثاء والأربعاء 20 و21 شوال 1434هـ خمس ورش وأربع ورقات عمل حوت من الفوائد ما لا يمكن حصره في مقال واحد. شملت الورش الأفكار الجادة في مجال تطوير الجمعية ونشر خدماتها، ودور التخطيط الاستراتيجي في إعطاء الجمعية شخصيتها وتحقيق أهدافها، وتوفير التمويل الملائم لأنشطتها، وأهمية دورها في توفير التدريب والاستشارات والحماية للمتقاعدين، وأهمية الدور الاجتماعي للجمعية في إعداد المتقاعدين لحياتهم الجديدة.
المكاشفة والشفافية ميَّزتا هذا الملتقى. بعض المحاورين أكدوا أنهم اكتشفوا أموراً مهمة لأول مرة، وهذا من فوائد الاجتماع الذي حقق ما لم تحققه سنوات الجمعية الطويلة. هو تأكيد لأهمية الملتقيات التي تناقش الهموم وتوحد الرؤى وتثير الأسئلة التي تحرك المياه الراكدة.
جاء الملتقى قبل موعد الانتخابات المزمع عقدها لاختيار أعضاء مجلس الإدارة، وقد وجد بعض المرشحين الفرصة سانحة للتعريف بأنفسهم وضمان تجاوز المرحلة الأولى من كسب المصوتين، وهي معرفة المرشح. هذا التوقيت بالذات لم يكن مقصوداً، لكنه من مزايا تجمع مكة، فالمرشحون الآن يعرفون حجم المعاناة والمشكلات التي تواجه الجمعية، كما عرفوا ما يريده الأعضاء وآمال المتقاعدين والمتقاعدات المعقودة على المجلس القادم.
غلب على المشاركين فئتا العسكريين والتربويين، وهما فئتان مهمتان لكن التحدي القادم لمجلس الإدارة والفروع هو العمل على التواصل مع أكبر قطاع من المتقاعدين والمتقاعدات في مختلف التخصصات. يتجاوز عدد المتقاعدين والمتقاعدات في المملكة 800 ألف مواطن من مختلف الخلفيات والثقافات والخبرات، فأين الوزراء والأطباء والمهندسون ورجال الأعمال والمديرون والعلماء؟
حجم ومساحة الرغبة في الالتحاق بالجمعية تحكمهما سمعة تلك الجمعية، فإن وضع المجلس ضمن أولوياته تحسين صورة الجمعية ونشر نشاطاتها والحصول على أكبر قدر ممكن من الخدمات والحماية للمتقاعدين فإنه سيكون المجلس المختلف. وسيحقق جزئية مهمة في تطوير مفهوم مؤسسات المجتمع المدني.
أستغرب عدم انضمام كثير من المتقاعدين أصحاب التأثير في الشارع وفي القرار الرسمي إلى الجمعية. لا يوجد وزير أو نائب وزير أو رئيس هيئة أو رجل أعمال مشهور عضو في الجمعية. هؤلاء هم الذين يمكن أن نسخر مكانتهم لخدمة منتسبي الجمعية. يمكن أن يكون ذلك من خلال تكوين فريق أو لجنة من الحكماء الذين ترجع لهم الجمعية عندما تواجه صعوبات في تحقيق أهدافها أو الحصول على ما تريد من الخدمات والمزايا لمنسوبيها.
يبقى للجمعية ميزة كبيرة كون رئيسها الفخري هو وزير الداخلية. للأمير بشخصيته ومركزه واسمه قدر كبير من التأثير، وهو ما لم يستغل بالشكل الأمثل حتى الآن. لعل هذا الملتقى سلط الضوء على ما يمكن أن يحققه الرئيس الفخري للجمعية من تأثير على قطاعات الدولة المختلفة والقطاع الخاص كذلك.
تعرف الجميع على كواليس الجمعية وما حققته وما تعانيه من صعوبات خلال الملتقى، إنجاز مهم للملتقى. تبادل الآراء والتعرف على الهموم والتطلعات والأنشطة التي حققتها بعض الفروع إنجاز آخر، وتسابق الفروع في الترحيب بعقد الملتقى القادم دليل على نجاح هذا الملتقى. حوت التوصيات كذلك الكثير من الفوائد التي يمكن أن تحصل عليها الجمعية ومنتسبوها في المستقبل القريب، المهم هو أن نرى التوصيات على أرض الواقع وهو المأمول في المجلس القادم.
لا بد أن أنهي بشكر جميع الزملاء الذين أسهموا في إعداد وتنفيذ الملتقى الذين لم يملوا من التعبير عن فرحتهم بوجودنا بينهم أو "وجودهم بيننا"، وهي العبارة التي كان يحلو للدكتور نجم الدين أنديجاني والدكتور محمد أبو رزيزة ونائلة المرغني أن يعبروا بها عن حالهم. وأتمنى أن يكون اللقاء القادم مثمراً كذلك.