مطلوب جداول زمنية .. من وزارة الإسكان
يشكل السكن أحد أهم المتطلبات الأساسية للإنسان، ففي المسكن يستقر المرء، وينشئ أسرته، وفي المسكن تتوالى الأحداث التي تشكل أهم ملامح شخصية الإنسان، ووجود المسكن أحد أهم اللبنات المكونة للاستقرار النفسي للفرد، والتي لا شك تنعكس على استقرار المجتمع بأسره. ومن هنا يأتي الاهتمام الذي توليه القيادة في هذا الشأن الحساس والحيوي. فالأمر الملكي ببناء 500 ألف وحدة سكنية في جميع المناطق وفق الاحتياجات السكانية، والأمر الملكي الأخير بتسليم جميع الأراضي الحكومية المُعدّة للسكن بما في ذلك المخططات المعتمدة للمنح البلدية، التي لم يتم استكمال إيصال جميع الخدمات وباقي البنى التحتية إليها، إلى وزارة الإسكان لتتولى تخطيطها وتنفيذ البنى التحتية لها، ومن ثم توزيعها على المواطنين حسب آلية الاستحقاق، وإعطاء المواطنين أراضي سكنية مطورة وقروضا للبناء عليها حسب آلية الاستحقاق، كل ذلك يصب في العمل على توفير أحد أهم متطلبات الحياة الكريمة للمواطنين والمواطنات.
ومهمة وزارة الإسكان ليست بالأمر اليسير أبدا، بل إنها من التعقيد والتشعب ما تجعل القائمين على شؤون الوزارة في وضع لا يحسدون عليه. فالعيون كلها عليهم، والخطأ متى وقع سيكون مضاعفا؛ كونه يمس أحد أهم احتياجات المواطن. وحقيقة أن الانتظار قد طال لتحقيق حق تملك المواطنين لمنازلهم، لا يسهل مهمة الوزارة على الإطلاق. ويشكر وزير الإسكان على اعترافه بأن وزارته مقلة في التواصل الإعلامي، لكن هذا الاعتراف لا بد وأن تعقبه خطوات محسوسة ومنظمة لكسر ولإنهاء هذا التقصير في التواصل مع الإعلام، والذي وضع المواطن في موقف المخمن لأداء سير العمل في تحقيق تطلعاته وحقه في تملك المسكن أو الأرض والقرض. فما المانع من أن يتم الإعلان عن الجداول الزمنية لتحقيق مراحل المشروع الإسكاني، والذي يعتبر أكبر مشروع إسكاني طموح في المنطقة. وما الذي يمنع وزارة الإسكان من عقد مؤتمر شهري أو حتى أسبوعي لتوضيح وتفصيل أداء سير العمل، وللإجابة عن التساؤلات في هذا الخصوص. وليس مهما أن يحضر الوزير نفسه هذا المؤتمر المقترح، المهم أن يمثل الوزارة من يملك الإجابات الشافية والوافية. فنحن كمواطنين ننظر إلى وزارة الإسكان نظرة مختلفة؛ لأنها مسؤولة عن أهم متطلب من متطلبات حياتنا بشكل كريم، والذي نستحق ونتطلع لنكون عليه، وبناءً على ذلك لا بد من أن يكون تعامل وزارة الإسكان مع المواطنين بطريقة غير اعتيادية، شرحا وتفصيلا وظهورا إعلاميا كذلك.
كما أن تحديد جداول زمنية لمراحل مشروع الإسكان، ومن ثم عقد مؤتمرات دورية لشرح تفاصيل سير العمل، سيمكن الوزارة من شرح جميع الصعاب التي تواجهها والتي قد تؤخر سير عملها. وهذا بلا شك سيسلط الضوء على جميع العوامل التي تشكل حجر عثرة في طريق تنفيذ الوزارة مهامها. حتى العقود التي ترسى على المقاولين، يجب أن يتم الإفصاح عن قيمتها وعن مقاوليها، فحتى الآن مصدر الإعلان عن هذه العقود هو "تداول"؛ وذلك لأن إحدى الشركات المتداولة في سوق الأسهم تفوز بمشاريع بنى تحتية مع وزارة الإسكان. بينما المفترض أن تفصح وزارة الإسكان عن جميع عقودها على موقعها الإلكتروني على الأقل، ليكون المواطنون على معرفة بمن يقوم ببناء مساكنهم، وتجهيز أراضيهم.
إن وزارة الإسكان مطالبة بمزيد من الشفافية والإفصاح والظهور الإعلامي، كما أنها مطالبة بتحديد جداول زمنية لمراحل سير مشروع الإسكان السعودي العملاق. كما أن الوزارة مطالبة بتوضيح جميع العراقيل والصعاب التي تواجهها حاليا، أو التي تتوقع أن تواجهها في المستقبل. إن دعم خادم الحرمين الشريفين اللامحدود لمشروع الإسكان وللوزارة كفيل بتحقيق النجاح لهذا المشروع الطموح. كما أن كفاءة القائمين على وزارة الإسكان كفيلة بتنفيذ المشروع الإسكاني بأعلى درجة من الكفاءة والجودة وبأعلى المعايير الدولية في هذا المجال. لكن هذا كله لا يمنع من بذل مزيد من الجهود في تحقيق أعلى درجات الشفافية والإفصاح، خصوصا فيما يتعلق بالجداول الزمنية لمراحل تنفيذ المشاريع، وكشف الصعوبات والعراقيل التي تواجهها الوزارة ـــ إن وجدت ـــ. فوزارة الإسكان تتعامل مع أمر حيوي يمس الجميع وبلا استثناء، ومن حق الجميع أن يكون على اطلاع على جميع تفاصيل العمل والإنجاز.