الفتاة في التعليم العالي

دعتني الدكتورة إيناس سليمان العيسى عميدة مركز أقسام العلوم والدراسات الطبية للطالبات في جامعة الملك سعود، مشكورة، للإسهام في ندوة ''التعليم العالي للفتاة في المملكة: من النمو إلى المنافسة''، التي ستعقد خلال المدة من 1 إلى 3 من ربيع الأول 1434هـ الموافق 13 إلى 15 يناير 2013م، بتنظيم جامعة الملك سعود، برعاية وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري.
يسعى مسؤولو الندوة، إلى عرض نماذج مختلفة لنجاحات وتميزات المرأة محليا وإقليميا وعالميا في مجال التعليم العالي، كما يناقشون عدة موضوعات مهمة؛ مثل عمل المرأة وتعليمها والعوامل المؤثرة عليها، إضافة إلى عرض بعض التجارب العالمية وغيرها. في رأيي، مثل هذه المؤتمرات لها دور كبير، عن طريق الحاضرين والمشاركين من مختلف الدول، في الإسهام في تغيير النمط الفكري السائد عن المرأة العربية بشكل عام، والسعودية بشكل خاص.
في هذه المناسبة، أذكر محادثة لي مع الدكتورة الأسترالية فيليبا كيلي، التي سبق لها زيارة المملكة عدة مرات، والتعامل مع النساء، من خلال دورات تعليمية على مستوى التعليم العالي، وزيارة عدة مدن سعودية مثل نجران. أخبرتني فيليبا، أن الغربيين ما زلوا يعتقدون أن الرجال هم المهيمنون في السعودية، وأن المرأة لا يحق لها فعل أي شيء، وأن ما عايشته فيليبا من وضع المرأة، يختلف كثيرا عن الفكرة السائدة عن المرأة السعودية في الغرب. زاد تعجبي أكثر عندما أخبرتني، بأن الانطباع السائد لديهم، أنه - على الرغم من توافر التعليم للنساء كما هو للرجال - إلا أن الفكرة الأكثر رواجا هي أن للرجال الأولوية بالتعليم على النساء. أدهشني حديث فيليبا، حيث أنني لم أتوقع بقاء مثل هذه المفاهيم عند غيرنا إلى وقتنا الحالي.
وفي هذا السياق، عجبت كذلك في أثناء حديثي مع السيدة كارول هنت البريطانية، الموظفة في جامعة شيفيلد هالام، عندما وصفت لي نظرتها للمملكة كونها بلدا يواكب التطور، مع ذلك ما زالت كارول ترى أن الابتعاث ليس متاحا لكل الفتيات ما عدا نخبة محددة من المجتمع، مع علمها السابق ببرامج الابتعاث السعودية، وتعاملها مع عديد من الطالبات السعوديات في الجامعة.
قد يفكر البعض في أسباب بقاء بعض المفاهيم السائدة القديمة عن المرأة السعودية، ويعتقد أن برامج الابتعاث وأعداد الطالبات المبتعثات أو مرافقات المبتعثين الكبيرة، واختلاطهن بالمجتمعات المتعددة، إضافة إلى التميزات والإنجازات العلمية والاجتماعية والأدبية العالمية المختلفة التي تحققها الطالبات السعوديات، من الأسباب الأساسية التي قد تكون قضت على هذا الاعتقاد السائد. من جهة أخرى، لاحظت أن مقابل الزيادة الكبيرة في تطوير وتحسين وتنمية دور المرأة، لا نجد ما يعادلها من تغير الرؤية الأجنبية النمطية القديمة للفتاة السعودية.
علمت أنه في مؤتمر التعليم العالي للفتاة السالف الذكر، كان هناك حضور متنوع لعدد من الشخصيات الأكاديمية ورائدات في المجتمع من مجتمعات أخرى من مجموعة من البلدان العربية والأجنبية. يمكن النظر لهذه المناسبة على أنها فرصة كبيرة لإثبات دور المرأة السعودية ومكانتها، وإثبات أنه لا يوجد ما يمنع المرأة السعودية من الإنجاز والتميز أمام عديد من المجتمعات، إضافة إلى الجهود الفردية التي أرجو أن يبذلها أبناء الوطن في الخارج في أثناء تمثيلهم المملكة. قد تعد مثل هذه المؤتمرات أحد المنابر التي تجسد التغيرات والتطورات التي تمر بها المملكة بشكل عام، وتتميز بها المرأة خصوصا.
ربما أرادت جامعة الملك سعود من خلال هذا المؤتمر، الإعلان عن افتتاح الحرم الجامعي للبنات، حيث توضح للمدعوات اللاتي يمثلن مناصب مرموقة في دولهن، النقلة النوعية التي وصلت إليها المرأة السعودية في التعليم العالي، وتشرح لهم المجالات العديدة التي ارتادتها المرأة السعودية، والتخصصات التي تطمح إلى دراستها محليا وعالميا. هذا المؤتمر وغيره من اللقاءات التي تجمع المرأة السعودية بغيرها من نساء الخليج والعالم، تثري الفتاة السعودية وتطلعها على المستجدات في الأبحاث والدراسات التي تعمل فيها المرأة، وفي الوقت ذاته توفر منبرا إعلاميا واقعيا وملموسا لإنجازات كوكبة من السعوديات، من عضوات هيئة التدريس وباحثات وطالبات نابهات من السعوديات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي