النمطيون في مواجهة التطوير والإبداع

يعرف عن النمطيين تكرار الأفعال والأقوال والإجراءات نفسها، ونجدهم في مجتمعنا أو في بيئة العمل في المنظمة التي ننتمي إليها، وعندما أتطرق للنمطيين هنا أقصد النمطيين الذين يحاربون التغير والإبداع في المنظمات، ولا سيما القطاعات الحكومية منها. نجد أن معظمهم يرددون مفردات التطوير والإبداع والتغيير لفظاً، بينما عندما يتم تقديم أنموذج حديث يتبنى مفاهيم التطوير أو إجراء يعالج البيروقراطية السائدة في بعض الأجهزة الحكومية نلاحظ من يعارض، إما بحجة التكاليف المرتفعة، وإما لعدم احتياج الإدارة المعنية إلى هذا الإجراء أو التقنية أو أعذار واهية أخرى وغير منطقية. بينما البعض لا يريد التطوير والإبداع في الإدارة التي يشغلها؛ لأنه عادة التطوير والإبداع يحتاجان إلى كشف مواطن الضعف أو الكشف عن الخلل الذي لا يريد الكشف عنه، ويتجنب الحديث عنه في المناسبات والاجتماعات الرسمية.
بطبيعة الحال، النمطيون بعضهم من يشغل مراكز إدارية حساسة في بعض القطاعات، التي بإمكانها تحقيق الريادة والتنافس والحث على الإبداع والتطوير في أفرادها، وهؤلاء بالطبع يرغبون في تكرار الإجراءات والمركزية والعمل الروتيني نفسها، وكأنهم يدورون في إطار مغلق. حيث إنهم- غالباً- ما ينتقدون عمل من يختلف عن سلوكهم السطحي والمكرر بحجة أنهم ينفذون ما تقتضيه حاجة العمل، وهو وجودهم في ساعات العمل المحددة على النمط المتكرر نفسه يوميّاً من دون كلل أو ملل. لذلك نجد معظم النمطيين غالباً ما يعارضون مبادئ إدارة التغير التي تهدف إلى إحداث تكتيك جديد يتناسب مع متطلبات العصر، خصوصاً عندما يتم تأسيس تقنية جديدة أو إجراء جديد يستلزم تخطي مكاتبهم وتوقيعاتهم.
ولا شك مع التحول الإلكتروني للحكومات والقطاعات الحكومية في تعاملاتها مع المراجعين والجمهور نلاحظ من لا يريد تفعيل جميع المعاملات بطريقة إلكترونية، وذلك لرغبته في ممارسة الأعمال التقليدية ووقوف المراجعين على بابه، حيث يبالغ بانتقاده الكثير للنظام الإلكتروني والإجراءات المتبعة فيه والتحجج بعدم إلمامهم الكبير في التعامل مع التقنية، وأنهم لا يحتاجون إليها. عادة في القطاعات سواء حكومية أو خاصة قد لا نحتاج من الجميع إلى أن يتبنوا التطوير والتغير إذا لم يكن من هم على رأس الهرم من صناع القرار متحمسين لذلك. لذا أصبحت النمطية في مجتمعنا هذا تحديا وعائقا للتطوير والإبداع اللذين تنشدهما المنشآت التي تتطلع للعمل المؤسسي. مع الأسف، الأشخاص النمطيون لا يعرفون الإشادة والشكر للأعمال النوعية والمميزة التي فيها احترافية عالية ونوعية لما يعتقدونه أن هذه الأعمال عادية وبإمكانهم القيام بها، حيث يصعب نشر ثقافة التغيير والإبداع داخل المنظمة بمستويات الإدارة الثلاثة العليا والوسطى والدنيا إذا لم يتم البدء بالأشخاص النمطيين أولاً في المنظمة نفسها، خصوصاً الذين يملكون عصا التغيير، وذلك من خلال ورش عمل ومحاضرات ومقابلات مقننة بالتعاون مع مسؤولي التخطيط والتطوير في المنظمة نفسها ليتم قبول التغيير من جميع الأطراف في المنظمة والعمل بروح الفريق الواحد للوصول إلى أفضل النتائج.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي