هل نبدأ من حيث انتهى الآخرون؟!

هنالك بعض الأسئلة التي قد تراودنا عندما يعين رئيس أو مسؤول من صناع القرار في أي قطاع، سواء منظمة ربحية أم غير ربحية، هل نبدأ من حيث انتهى الآخرون أم نعيد اختراع العجلة؟! والمقصود بالعجلة هي عجلة التنمية والتطوير المستمر التي بدأها أسلافهم، وهنا تتحدد أهمية التخطيط الاستراتيجي لبعض الأجهزة الحكومية أو القطاعات الخاصة، وما مدى أهميتها وكيفية مراجعتها سنوياً إن تطلب الأمر. حيث إن بعض قطاعاتنا، للأسف، تفتقر إلى وجود تخطيط استراتيجي وإن وجد ليس إلا ''برستيج'' يتفاخر به المسؤول أمام الزوار والموظفين، حيث تجد أن القائد يأتي برؤية وتصور جديد قد لا يتفق مع من سبقوه في الكرسي من حيث نوعية القوى العاملة أو تمويل المشاريع القائمة أو منظومة الصلاحيات والإجراءات المتبعة لبعض الإدارات، حتى السياسة الإدارية والهيكلية قد تتغير بتغير الأشخاص للأسف.
قد يعتقد بعضنا أنه من اللازم أن يأتي كل مسؤول أو رئيس بأشياء جديدة تختلف بعض الشيء عن الذين سبقوه في المنظمة. لذلك تلاحظ أن كل مسؤول جديد قد يقيل بعض المستشارين والمديرين التنفيذيين المتبقين من العهد السابق، ليأتي برجاله الذين يعتقد أنهم من يحملون العصا السحرية لتغيير المنظمة والنهوض بها إلى الأعلى. وهذا قد يتسبب في إهدار كبير واستنزاف لموارد المنظمة التي يقودها، حيث أثبتت الدراسات أن إقالة موظف متخصص قد يكلف المنظمة 35 في المائة خسائر عن الاحتفاظ به وترقيته.
إن ثقافة المجتمع تحتم على القائد أن يأتي برؤية جديدة وإن وجد اختلاف مع السابقين لإثبات التغير الذي ينسب لصالحه، وأن يدعي هذا التغيير بمبدأ التطوير والتخطيط للأفضل حتى وإن تعارض مع الخطة الاستراتيجية للمنظمة وأسس الإدارة الحديثة المطبق عالمياً، إضافة إلى أن زمن القيادة المركزية لإدارة المنظمة انتهى، حيث أصبحت المنظمات تُدار بالقيادة وفرق العمل والقائد ليس إلا صانع قرار لمجموعة آراء من فريق العمل، حيث إنه ليس المهم العمل الذي تبدأ فيه قدر ما هي أهمية العمل الذي تنجزه، وهذا هو المحك الرئيس الذي ينسب لصانع القرار. وهذا يلخص في أن تطبيق الخطة الاستراتيجية للمنظمة بحذافيرها وفحواها أهم من وضعها على الأرفف أو داخل الأدراج ، حتى إن البعض للأسف لا يعرف محتوى الرسالة والرؤية ويتجاهل الأهداف التي تعمل بها المنظمة، ويعمل بعشوائية وبلا احترافية، وهذا ما خلَّف تعثر أغلب المشاريع القائمة وعقودا تشغيلية، نتيجة التخبط الإداري، والمصالح الشخصية، وضعف التخطيط، وفي المقابل هنالك قادة خلَّفوا وراءهم بصمة واضحة وأثرا ملموسا في المجتمع والوطن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي