ومضات من المواقف السعودية المضيئة تجاه ليبيا (1)
الآن صار الوقت ملائماً لتوثيق العلاقات الليبية - السعودية في عصر القذافي، والمواقف المشرقة للمملكة رغم الإساءات القذافية للمملكة، التي لا يتحملها الشعب ضحية هذا النظام.
ففي الفاتح من أيلول (سبتمبر) عام 1969 سمع العالم عن ضابط شاب اسمه العقيد معمر القذافي الذي قام بانقلاب عسكري ضد القواعد الغربية في ليبيا، واستبشر به جمال عبد الناصر في ذلك الوقت، خصوصاً أن القواعد الغربية في ليبيا كانت تستخدم للهجوم على مصر في عام 1967.
وفى أيار (مايو) عام 1969 قام ضابط شاب سوداني بانقلاب عسكري في السودان، وبذلك صارت ليبيا والسودان في حسابات ذلك الزمان سنداً لمصر التي واجهت هزيمة مريرة دون حرب على يد إسرائيل في حزيران (يونيو) 1967، والغريب أن كلاً من نظام العقيد في ليبيا والنميري في السودان قد انتهى إلى نتائج سلبية، لكن نظام العقيد انتهى يوم 23 آب (أغسطس) 2011 نهاية مأساوية بعد أن قتل القذافي خلال الأشهر السبعة الماضية قرابة 30 ألفاً وضعفها أو يزيد من الجرحى، فضلاً عن التدخلات الدولية وتدمير الثورة والمنشآت في ليبيا، لذلك فإن درس العقيد في ليبيا سيخضع لدراسة تفصيلية سواء فيما سببه للشعب الليبي على مدى 42 عاماً أو ما سببه لهذا الشعب من دمار طوال شهور الثورة، ومعنى ذلك أن ثورة الشعب الليبي تبددت بسبب مغامرات هذا النظام الذي لم يترك له صديق في المنطقة العربية، ثم بسبب وحشية هذا النظام ضد شعبه منذ أعلن القذافي أنه يتعرض للمؤامرة وأنه سيسحق هذه المؤامرة وأنصارها من الليبيين.
أما موقف القذافي من المعارضة الليبية فقد كان بالغ القسوة وأرسل فرق الموت إلى كل مكان لقتل المعارضين، وهذه إحدى الجرائم الكبيرة التي يجب أن يحاكم عليها ضمن قائمة جرائمه في حق الشعب الليبي.
وأذكر في هذا السياق حادثة لا تنسى وهى أن أحد أفضل مذيعي هيئة الإذاعة البريطانية كان يختم نشرات الإذاعة البريطانية في لندن بعبارة لا تزال ترن في أذني وهو يقول ''هذا إذن هو محمد مصطفى رمضان يحييكم من لندن ويتمنى لكم ليلة جد سعيدة'' في اليوم التالي أذاعت هيئة الإذاعة البريطانية في صدر نشرتها المسائية أنه قد تم اغتياله بلندن عقب صلاة الجمعة.
أما سجل العلاقات الليبية - العربية في عهد القذافي فنكتفي هنا بلقطتين في صدد العلاقات الليبية - السعودية التي كان يسودها التوتر دائماً.
اللقطة الأولى، هي أنه بعد حادث السفارة الليبية في لندن عام 1984 التي قتل فيها الشرطية البريطانية بنيران من داخل السفارة الليبية وكانت الشرطة تحرس السفارة ضد مظاهرات المعارضة الليبية وتوترت العلاقات الليبية - البريطانية بسبب وجود أسلحة داخل السفارة وقطعت بريطانيا علاقاتها الدبلوماسية بليبيا ورفضت أن تقوم أي دولة أخرى برعاية المصالح الليبية في لندن، لكن المملكة العربية السعودية تمكنت من إقناع بريطانيا بأن تتولى رعاية المصالح الليبية في لندن بشرط أن تقيم بعثة رعاية المصالح الليبية في السفارة السعودية في لندن.
أما اللقطة الثانية فسوف يتضمنها مقالنا التالي ضمن مواقف المملكة النبيلة تجاه الشعب الليبي.