رحم الله الأميرة المحتسبة سلطانة السديري
قال الله تعالى "إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون".
الموت حق، وسنة تجري على جميع الخلق، ورغم يقين الإنسان بهذا المصير الذي لا مفر منه، إلا أن فقد من كان ملء السمع والبصر، يبعث على الأسى والحزن، ويُحدث في النفس من الألم والحسرة ما الله به عليم، وهذا ليس جزعاً، أو اعتراضاً على قضاء الله، وإنما هو شعور إنساني أوجده الله في النفس البشرية، لا يتنافى مع التسليم بقضاء الله وقدره.
وإذا كان الناس يتساوون أمام الموت، كبيرهم وصغيرهم، وغنيهم وفقيرهم، إلا أنه شتان ما بين من يرحل بجسده فيُنسى، وبين من تبقى له ذكرى عطره، وأياد خيرة ممتدة، فيكون وإن غاب جسداً، حاضرا في الذهن، يُذكر فيدعى له ويترحم عليه، وتكون أعماله في ميزان حسناته، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
يوم أمس الأول انتقلت إلى رحمة الله تعالى الأميرة سلطانة بنت تركي بن أحمد السديري، والدة الأمير فهد بن سلمان، رحمهما الله، بعد معاناة طويلة مع المرض، كانت خلالها مثالا للمرأة المؤمنة الصابرة المحتسبة، التي ترجو من الله ما يجزله للصابرين من ثواب، فجمعت إن شاء الله بين أجرين، أجر الصبر على ما قدره الله عليها من مرض، وهو أجر عظيم، وأجر ما كانت تقدمه من خير، وما كانت تُعرف به من حب للناس، وعطف على الفقراء والمحتاجين وتلمس لحاجاتهم.
نسأل المولى القدير أن يغفر لها ويرحمها، ويعفو عنها، ويكرم نزلها ويوسع مدخلها، وأن يسبغ عليها شآبيب الرحمة والرضوان، إنه على كل شيء قدير.
وعزاؤنا لوالد الجميع الأمير سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - وللأمراء سلطان وعبد العزيز وفيصل وحصة، وإلى الأحفاد والحفيدات وكافة أفراد الأسرة الكريمة، سائلا المولى القدير أن يلهمهم الصبر والسلوان.
قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).