هل إسرائيل دولة بلا حدود؟
عندما قررت الدول العربية اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على قرار بالاعتراف بدولة فلسطينية ردت إسرائيل بأنها ستستميت لمنع نجاح هذا المسعى، وحذرت من أن هذا المسعى سيعوق استئناف عملية السلام التي أوصلتها إسرائيل إلى نهاية مسدودة، كما دفعت بأنه حتى لو صدر قرار الجمعية العامة، فإنه قرار مكرر سبق لها اتخاذ مثله عام 1989 في جنيف، والمهم هو أن إسرائيل هي التي تسيطر على الأرض، وأنها لن تسمح باتخاذ هذا الإجراء "المنفرد". الأهم من ذلك هو أن إسرائيل قالت إن الدولة الفلسطينية التي ستعلنها الجمعية العامة لن تقبل في مجلس الأمن لأن هذه الدولة المعلنة ليس لها حدود. عن هذه النقطة رد وزير خارجية مصر بأن عدم تحديد حدود لدولة فلسطينية لا يمنع من الاعتراف بها وقبولها في الأمم المتحدة وساق سابقة إسرائيل التي لم يكن لها حدود ومع ذلك تم الاعتراف بها وقبولها.
والحق أن الوفود العربية في اجتماعات الجمعية العامة عام 1949 التي ناقشت عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة قدمت عددا من الاعتراضات أهمها أن إسرائيل لم يكن لها حدود بل إن واشنطن كلفت أحد أعلام القانون الدولي حينذاك فيليب جيسوب لرئاسة وفدها في مجلس الأمن عام 1948 حين ناقش عضوية إسرائيل ورد على الدفع العربي بأن القانون الدولي لم يشترط أن يكون للدولة حدود محددة لكي يتم الاعتراف بها عضوا في المنظمة الدولية، أي أنه أكد هو الآخر عدم وجود حدود لإسرائيل. وعدم وجود حدود أمر يسعد إسرائيل كما يسعدها أن يكرر الجميع ذلك، فهل صحيح أن إسرائيل لا حدود لها؟
المرة الأولى التي تحدثت فيها إسرائيل عن الحدود عموماً هي عام 1967 عندما طالب بحدود آمنة ومعترف بها، علما أن المشروع الصهيوني يطالب بكل فلسطين، ولذلك فإن فكرة الحدود الآمنة فكرة ذاتية تتسع لطموح هذا المشروع ثم أن يعترف الوسط المحيط بها. والحق أيضاً أن إسرائيل أسعدها أن يتجاهل العرب جميعاً رسميين ومثقفين فكرة أن لإسرائيل حدودا في خريطة التقسيم وأنها هي التي لن تشأ أن تلتزم بهذه الحدود.
فقد أوضحت الخريطة والحدود الدقيقة لكل من الدولة العربية والدولة العبرية، ولما كانت إسرائيل تعتبر قرار التقسيم مجرد أداة كاشفة، وأنه لا يهمها المساحة المخصصة لها في القرار، فقد تجاوزت القرار بكثير بل حذرت العرب من ذكر القرار بأية صورة.
فهل لا تزال إسرائيل دولة بلا حدود أصلاً؟ أم أن لإسرائيل حدوداً على الخريطة، ولكنها في الواقع تتوسع وتترك التحديد النهائي في الحدود لمدى قدرتها على فرض حدودها النهائية؟.
من المعلوم أن الجانب الفلسطيني والعربي يقبلان بالحدود التي كانت عليها إسرائيل في يوم الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967، وهى حدود تعطى إسرائيل 21.5 في المائة زيادة على قرار التقسيم ومع ذلك ترفض إسرائيل قرار التقسيم وحدود الرابع من حزيران (يونيو)، وفى الوقت نفسه فإن واشنطن تدعم الموقف الإسرائيلي.
نخلص من ذلك إلى أن لإسرائيل حدوداً قانونية في قرار التقسيم وحدوداً عربية مقترحة في المبادرة العربية، ولكن لإسرائيل حدوداً فعلية مؤقتة لحين ضم بقية الأراضي الفلسطينية.