طلاب وطالبات الدراسات العليا والبحث العلمي

يُعد البحث العلمي أحد أهم المعايير لتحديد المستوى الأكاديمي لأي جامعة، كما لا يخفى على جميع أساتذة الجامعات ومسؤوليها أن طلاب الدراسات العليا هم المحور الأساسي في عملية البحث العلمي، لكن مستوى الدعم الذي تقدمه جامعاتنا لمساعدة طلاب الدراسات العليا، وفي ظل الميزانيات الضخمة، مؤسف للغاية أن يدفع الطالب أو الطالبة من حسابه الخاص لشراء المواد البحثية اللازمة لبحوثه، يحصل هذا فقط في الجامعات السعودية!! فعلى سبيل المثال، هناك طالبة صرفت من حسابها الخاص أكثر من 60 ألف ريال لشراء المواد، والقيام برحلات وسفرات داخلية خاصة بالبحث.
أما بالنسبة لطالب الدراسات العليا السعودي في أمريكا أو بريطانيا، فإن الملحقيات الثقافية تقوم بدفع مبالغ تصل لأكثر من 50 ألف ريال للجامعات الأجنبية، تدفع عند بداية كل سنة دراسية، كمصروفات خاصة لشراء مواد البحث Bench Fees، هذا إضافة إلى رسوم التسجيل الفصلية الباهظة. فهنالك طالب ماجستير طب أسنان يدفع له مبلغ 350 ألف ريال سنوياً في إحدى الجامعات البريطانية!!! أما جامعاتنا المحلية، فحسب معرفتي في جامعة (الملك سعود)، هنالك مبلغ مقداره 10 آلاف ريال يدفع لطالب أو طالبة الماجستير و20 ألف ريال لطالب الدكتوراه، ولا يحصل عليها، إلا بعد معاملة طويلة وجهد مضن وبيروقراطية متعبة. كما أن هذا المبلغ الذي كان يحصل عليه عدد محدود من الطلاب، أصبح الآن صعب المنال، حيث وضعت عمادة الدراسات العليا شرط نشر بحث في ISI حتى يُدفع مبلغ 20 ألف ريال يذهب منها 40 في المائة مكافأة للباحثين، والباقي لشراء مواد بحثية وتغطية تكاليف النشر.
هذا والله من العجب العجاب، حيث تدفع الملحقيات الثقافية السعودية مقدماً للجامعات الأجنبية، مقابل البحث، أما طالب الدراسات العليا في جامعاتنا فيدفع من حسابه الخاص. السؤال: كيف نتوقع من الطالب أو حتى الباحث إجراء بحث جاد ونشره، وهو لا يحصل على دعم مجز؟! ما هي نوعية المخرجات البحثية التي نحصل عليها، في ظل هذا النوع من الإدارة الأكاديمية لأهم عناصر البحث العلمي،الذي هو مهمة الجامعة الأولى؟!! لقد اشتكى بعض طالبات الدراسات العليا لأحد مديري الجامعات السعودية، وعبرن عن امتعاضهن من قلة الدعم لطلاب الدراسات العليا، وأبدى استعداده لتحسين أوضاع طالبات وطلاب الدراسات العليا. ومضى زمن طويل على هذا الوعد، ولكن لم يحرك ساكناً !!
لقد حاول بعض طلاب الدراسات العليا في الجامعات، الاستفادة من دعم خاص تقدمه مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية للباحثين، حيث الأنظمة المعلنة لديها تقدم دعماً لطالب الماجستير بحد أعلى 70 ألف ريال و100 ألف ريال لطالب الدكتوراه. لكن الطلاب الذين تقدموا للمدينة لم يحصلوا، بعد تقديم صورة من مشروع البحث والمواد المطلوبة إلا على 30 ألف ريال، وبشروط قاسية. من أهم بنود الاتفاقية لدى المدينة، وضع ورقة في أول الأطروحة العلمية، مكتوب عليها أن هذا البحث مدعوم حصرياً من مدينة الملك عبد العزيز، وهذا فيه إجحاف بحقوق الجامعة والقسم الذي أشرف ونفذ المشروع.
في الختام همسة أهمسها في أذان المسؤولين في وزارة التعليم العالي، ومن يهمه الأمر: الجامعات ليست بنايات شامخة ومكاتب مزخرفة، نقوم بتمشية ضيوف المملكة في ممراتها، بل يجب أن تكون مراكز أبحاث، وما ضرّ جامعات عريقة مثل أكسفورد وجامعة هارفارد مبانيها القديمة العتيقة، أن تكون قلاعاً هائلة للبحث العلمي وقبلة للباحثين من أطراف الدنيا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي