الانفصال النفسي .. والحصانة الداخلية لأبنائنا
الزمن الحاضر مليء بالمتغيرات والعوامل التي من شأنها أن تدمر الإنسان وتلغي فيه الأخلاق والدين وكم وكم من الأفراد الذين ذهبوا ضحايا لعجلة لتلك التغيرات الاجتماعية التي يلعب فيها الإنترنت دورا سلبيا كبيرا ليس لأن الإنترنت سيئ، ولكن لأن بعض من يستخدمه هم يسيئون الاستخدام، بل إن من يبحث عن الفساد سيجده حتى في وسط منزله؛ فلم تترك كاميرات الإنترنت مجالا إيجابيا لمن يبحث عن إساءة الاستخدام وليس فقط الكاميرات وحدها، بل هناك سبل كثيرة تنتشر بين المجتمعات المختلفة تحمل مئات من طرق كسر الأخلاق والدين، ومجتمعنا كغيره من المجتمعات فيه الإيجابية والسلبية، ولكن كثيرا ما تخشى الأسر عواقب التكنولوجيا على أبنائها ويساعد على العواقب السلبية وضع التفكك الأسري الذي يعكس الانفصال النفسي بين الأبناء وآبائهم، بل إن إحدى الأمهات التي قابلتها قبل فترة كانت تحكي عن أهمية وجود خصوصيات لابنتها المراهقة بعيدا عن والديها ولم تكن هذه هي الأم الوحيدة، بل أكثر من أم كانت تعتقد ذلك. إن مثل تلك التوجهات من الأم تشكل كارثة اجتماعية كبيرة، بل على الأم تحديدا أن تتدخل في شؤون ابنتها، خاصة في مرحلة المراهقة، إضافة إلى أنه يجب أن تشعر الفتاة بأن هذا هو حق من حقوق علاقة الصداقة التي لا بد وأن تقام بين الأم وابنتها لا أن تنسحب الأم كي تريح نفسها وتترك - كما قال البعض - عالما خاصا لابنتها المراهقة، بل والأكثر سوءا أن تتخذ الأم حجة الثقة في البنت هي الداعم لتلك الفكرة في مقابل توفير جو من الاستعداد للانحراف إذا ما شعرت الفتاة بأن لها عالما بعيدا عن أمها حتى وإن كنا نحتاج إلى قليل من الرقابة الخارجية، إلا أننا نحتاج إلى كثير من بناء الحصانة الداخلية لكل من الأبناء والبنات، ولا أعتقد أن مرحلة كالمراهقة نستطيع أن نقطف فيها ثمرة الحصانة الداخلية؛ لأن التكوين الجسمي والهرموني في تلك المرحلة يحتاج إلى توجيه تلك الطاقة الجسدية في أمور إيجابية تحت إشراف الوالدين.
ليس من السهل بناء الفرد الصالح، خاصة في هذا الزمن الذي يحمل الكثير من المغريات والسلبيات ولعل العودة إلى علاقات أسرية أكثر تكاتفا هو السبيل الوحيد لتحقيق ذلك من خلال مخاطبة العقل وبصورة لا تشعر الابن بأنه مراقب خارجيا فقط، بل إن الرقابة الخارجية لا بد وأن تكون إلى فترة عمرية معينة تتجاوز المراهقة وبعدها سنجد أن الحصانة الداخلية هي المحرك الأول والأخير لسلوكيات الأفراد فهل نعيد علاقاتنا الأسرية من أجل الحفاظ على أخلاق أبنائنا؟