بان كي مون وسفن كسر الحصار عن غزة
أدلى بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة يوم 25 أيار (مايو) 2011، بتصريح أكد فيه معارضته للحملة الأوروبية الثانية لكسر الحصار على غزة التي تعتزم الإبحار خلال حزيران (يونيو) 2011 ضمن سلسلة المحاولات البحرية التي شابها مأساة أسطول الحرية الدامية.
هذا الموقف من جانب الأمين العام الذي يعبر عن سياسة المجتمع الدولي يقابله موقف آخر خلال مأساة أسطول الحرية وعبر فيه عن إدانته لهجوم إسرائيل العسكري على الأسطول المدني الهادف إلى كسر الحصار عن غزة. فهل معنى ذلك أن الأمين العام يعارض إرسال السفن، كما يعارض الهجوم عليها؟ وإذا صح الموقف الثاني فكيف يتم تنفيذ إرادة المجتمع الدولي في صور متعددة وقرارات عديدة من مجلس الأمن ومن مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة والجامعة العربية واللجنة الرباعية الدولية. لقد تقرر أن الحصار من الجرائم ضد الإنسانية ومن جرائم الحرب بصفته عقوبة جماعية بموجب اتفاقية جنيف الرابعة ما دامت إسرائيل دولة محتلة للقطاع، ومعنى ذلك أنه يتعين أن تبادر كل دول العالم إلى وقف هذه الجريمة ومعاقبة إسرائيل، خاصة وأن تقرير جولد ستون قد أكد هذه الحقيقة وأوصى بعدد من الإجراءات تكفل تسهيل إعادة إعمار غزة ومعاقبة مرتكبي جرائم المحرقة عام 2009.
وما دام الحصار جريمة، فإن محاولات كسر الحصارين البري والبحري مشروعة تستمد شرعيتها من تجريم الحصار نفسه، فكيف ينجو الأمين العام للأمم المتحدة على نحو يخالف قرار مجلس الأمن الخاص برفع الحصار. وما دام رفع الحصار موجها إلى إسرائيل، وهى لا تحترم قرارا ولا التزاما وتعلن خططها وأهدافها حتى لو تضمنت ارتكاب الجرائم، فمن الواضح أن رفع الحصار بشكل إرادي من جانب إسرائيل مستحيل؛ لأن إسرائيل ترى أن الحصار حق لها تمارسه دفاعا عن أمنه بعكس ما يراه المجتمع الدولي كله. لقد كان جديرا بالأمين العام بان كي مون أن يمثل الإرادة الدولية لا إرادة إحدى الدول الكبرى المساندة لإسرائيل على استمرار جريمة الحصار وآثاره غير الإنسانية التي سجلها الأمين العام نفسه في تقاريره إلى مجلس الأمن تنفيذا لقرار المجلس بشأن رفع الحصار.
ولذلك أرى أن تبادر المجموعات الإقليمية إلى عرض موضوع الحصار على الجمعية العامة للأمم المتحدة لاتخاذ قرار تنفيذه الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لإرغام إسرائيل على رفع الحصار ودعم الموقف المصري بفتح معبر رفح إسهاما في هذا الموقف الدولي الساعي إلى رفع الحصار، وأن يكون هذا الموقف ملزما لأجهزة الأمم المتحدة جميعا بما فيها الأمين العام الذي يلزمه الميثاق بالتعبير عن سياسة الأمم المتحدة خاصة في هذه القضايا الدقيقة.
أخشى أن يكون موقف الأمين العام دعما لسياسة إسرائيل في حصار غزة، ومشاركة في جريمة الحصار ونكوصا عن سياسة الأمم المتحدة تماما، كما بكى الأمين العام نفسه بسبب شاليط وأسرته ولم تدمع عيناه على آلاف الأسرى الفلسطينيين الذين تبيدهم إسرائيل في معتقلاتها، الأمر الذي أدانه مؤتمر عدم الانحياز الأخير في باندونج الأسبوع الماضي.
الخلاصة، يجب على الأمين العام أن يساند كل محاولات كسر الحصار ما دامت إسرائيل ترفض رفعه.