الراجحي يستحق أعلى الأوسمة!

كالعادة عندما يحاضر الشيخ سليمان الراجحي لا تكاد تحصل على مقعد.. وكانت محاضرته الأخيرة في الغرفة التجارية مختلفة تماماً عن غيرها! ليست فقط جرعات تشجيعية للشباب في العمل والمثابرة، بل كشفت شيئا يعد من النوادر في هذا البلد. فعلى الرغم من ثروته الضخمة، إلا إنه لم يتردد في تخصيص نصفها وقفاً للأعمال الخيرية، وفي نفس الوقت لم يترك أبناءه عالة على غيرهم، فمن الدروس والعبر من سيرة هذا الرمز الوطني ما يلي:
1) يختلف الشيخ سليمان الراجحي عن الكثير من أصحاب المال، في إنه حصل على ماله بكده وعرق جبينه، فكانت بدايته الحقيقية في الصرافة وتحريك الأموال من منطقة لأخرى والاستفادة من المواسم، فبارك الله له ولإخوته في هذا المجال.
2) أنه منذ بداياته هو وإخوته في نشاطهم التجاري، كانوا يتسابقون في فعل الخيرات وتوزيع زكواتهم بأنفسهم، حيث كانوا يتنقلون من منطقة إلى أخرى أشبه ما يكون بالجمعية الخيرية المتحركة، وكان لهذا الاتجاه في الأعمال الخيرية والمشاركة في فك حاجات الناس أثره في بركة أعمالهم.
3) مما ميز الشيخ سليمان الراجحي أنه مبدع في أي مجال، فقد أسس أكبر شركة للدواجن بنفسه وكذلك المشاريع الزراعية المتميزة التي تعتمد على مبدأ الاستفادة من كل شيء داخل الحقل، وليس المجال هنا لذكر تلك التجارب التي يستحق عليها العديد من براءات الاختراع.
4) استثمر الشيخ سليمان الراجحي كامل ثروته الكبيرة جدا داخل وطنه المملكة العربية السعودية، فأكبر مشروع للدواجن ربما عالميا، هو الوطنية للدواجن، وهناك مشروع زراعة الربيان وهو من أضخم المشاريع العالمية، وغيرها من المشاريع الكبيرة جدا. لم يكن استثمار الشيخ الراجحي ثروته في بلده حائلا أمام أن يكون من أثرى أثرياء العالم العربي، ويدل هذا على متانة الاقتصاد الوطني، وهو ما أدركه الشيخ الراجحي بحسه الوطني والإسلامي.
5) أدرك الشيخ سليمان (أطال الله في عمره) أنه قد يفقد الصدقة الجارية في حال وفاته، وهذا ما حصل للكثير من أصحاب الأموال، حيث وزعت ثرواتهم الكبيرة على ورثتهم ولم يترك له أي مشروع خيري دائم، بل إن المال الموروث قد يكون سبب التنازع بين الإخوان، لذلك قام الشيخ الراجحي بتقسيم ثروته على الورثة بعد أن أوقف جزءا منها، فاستطاع الشيخ أن يجعل له نصيبا في الآخرة، في الوقت الذي أنصف أولاده ولم يجعلهم عالة على أحد، بل لم يقم بهذا العمل الجبار إلا بعد التشاور مع أبنائه وبناته وزوجاته، وقد أرضى الجميع.
6) لا يكاد يخلو مال أي واحد منا إلا وفيه دخن من مال مشبوه، لذلك أمر الله - سبحانه وتعالى - بتزكية الأموال، فسؤالي للكثير من الموسرين في هذا البلد: أين حق الله في أموالكم الطائلة؟ فهل نتوقع أن يحذو تجارنا حذو الشيخ سليمان الراجحي، فيجعلوا نصيبا من أموالهم شافعا لهم عند الله، ويكون لهم عذراً عند ملاقاة الله، عن شبهة دخلت أموالهم، إما بتقصير في إعطاء الزكاة، أو مال من طريق مشبوه، فقد قال الشيخ الراجحي في محاضرته البليغة: إن هذا المال الكبير هو مال الله عندي، فلذلك لم يكتفِ شيخنا وأبونا الفاضل بتطهير ماله، بإعطاء حق الله وهو ربع العشر (2.5 في المائة) ولكن فضل أن يعطي النصف، حتى يلاقي الله بعمل عظيم.
7) لقب الشيخ استحقه بكل جدارة، فبتواضعه وزهده في متاع الدنيا أصبح ينافس الكثير من مشايخ الدين الذين يتنافسون في الركون إلى الدنيا وهي متاع زائل، وكذلك يستحقه على عطاءاته السخية لمساعدة الفقراء والمحتاجين، والسؤال للجميع: لماذا لم نسمع أن الشيخ سليمان الراجحي أعطي وساما تقديريا على نشاطاته وإبداعاته ووطنيته، أو إطلاق اسمه على معلم وطني مشهور، كأن يسمى أكبر برج في مركز الملك عبد الله المالي باسمه؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي