قرارات الخير .. سكن وعمران

تأتي قرارات الأربعاء الماضي التي جاءت مع مقدم خادم الحرمين الشريفين إلى أرض الوطن بعد الرحلة العلاجية التي تكللت ــ ولله الحمد ــ بالنجاح لتصب في مجملها في عمران السكن، والذي هو هاجس كل مواطن في أرجاء المملكة حيث إن تلك القرارات استهدفت بشكل كبير دعم الصندوق العقاري وكذا هيئة الإسكان وإلغاء أقساط عن المستفيدين من قروض الصندوق العقاري وغيرها مما سيكون له الأثر البالغ في تسهيل وتحقيق ذلك المطلب الملح وهو المسكن الذي يأتي في الأهمية بعد الوظيفة, وبأن تقوم الدولة بتسهيل امتلاك سكن يؤويه ويحط عنه كاهل الإيجارات التي ترهقه.
ولعل من المناسب أن نذكر هنا أن هناك قرارات أخرى سبقت هذا القرار كي تسهل على الأفراد الحصول على هذا القرض وهي عدم المطالبة بالأرض للقرض وأن أي فرد يستطيع تقديم الطلب لهذا القرض دون الحصول المسبق على الأرض, الأمر الذي يسهل على الكثير التقديم للحصول على هذا القرض, وتمكين البعض من شراء وحدات صغيرة كالشقق بدلا من شراء أرض وتحمل تكاليف باهظة للبناء على أرض منفصلة.
إن تلك القرارات وما تمثله من مبالغ ضخمة ستؤثر ولا شك في اقتصاديات كثيرة في قطاعات مختلفة من قطاعات الأعمال كالعقارات ومواد البناء وغيرها, ويجعل عجلة التنمية تتسارع في ردم هوة تملك السكن التي تهدف إليها التنمية في المملكة، وأن يغطي هذا الطلب الكبير للأفراد بمثل هذه القرارات التي ستعمل على تنمية وازدهار قطاع الإنشاءات خلال الفترة القادمة وبشكل كبير جراء ذلك, مما يستطيع معه المواطن أن يؤمن السكن المطلوب.
ولعل تلك القرارات تحتاج معها إلى العمل الجاد لإيجاد حلول للمشكلة التي ستواجه المواطن في إيجاد المكان الذي يبني عليه ذلك السكن, وهي مشكلة تحتاج معها إلى حلول عاجلة لتتمكن شرائح كبيرة من الأفراد بعد حصولهم على القرض أن يستطيعوا أن يشرعوا في البدء في إنشاء السكن ولذا فإن إيجاد تلك الحلول يعتمد على مدى قدرة الصندوق على عقد شراكات مع جهات أخرى لتسهل على المواطن تملك المسكن، ولعل ما قامت به سابقا وزارة الأشغال العامة والإسكان مع وزارة المالية خلال العقود الماضية من بناء سكن من وحدات منفصلة وأبراج سكنية في مناطق شتى في المملكة وإعطاؤها للمتقدمين بأسعار مناسبة هي ما مكن الأفراد من السكن في تلك الوحدات والحصول على مبان ذات جودة وخدمات, وهي تجربة تحتاج إلى تقييم وربما يكون من المناسب تكرارها بشكل أكثر وأكبر.
كما أن عقد شراكة مع المؤسسات الاستثمارية للاستثمار في هذا القطاع والتي يمكنها المساهمة في بناء وحدات في إسكان متعدد الأدوار ومن ثمن تقسيطها على الأفراد لتمكنهم من أن ينعموا بسكن مريح خلال أقل من ثلاث سنوات وبمواصفات راقية إذا ما بنيت أبراج, بدل أن ينتظروا عقودا من الزمن بغية الحصول على أرض, والانتظار ربما لعقد من الزمن حتى يتمكن من ذلك، وبعد شراء الأرض يبدأ مشوار آخر من التعب في بناء المسكن بنفسه وما يتبع ذلك من مشقة وعناء، ولذا لا بد أن يتيح الصندوق العمل مع تلك المؤسسات وعقد شراكات معها بحيث تبنى على أراض تمنحها الدولة لهم ويقوم المواطن بحجز وحدات في تلك الأبراج, وأن تكون هناك أنواع مختلفة من التصاميم حتى تفي بمتطلباتهم.
إن مراجعة تملك الأراضي وربما بناء الضواحي في المدن الكبيرة حيث يصعب الحصول على أراض في وسطها مما يجعل من إمكانية تملك الأفراد للأراضي بشكل مطور ممكنا, كما حدث في التجربة التي تمت في حي الجزيرة في الرياض حيث تملك الأفراد أراضي مطورة بشكل تام وبتكلفة زهيدة إذا ما تمت المقارنة بين تلك الأراضي والأراضي غير المطورة والتي تباع بأغلى الأثمان, ويلهث المواطن لاستكمال بقية الخدمات في ذلك الحي من سفلتة وإنارة وغير ذلك من مطالب.
ولعلي أقترح أن يقوم صندوق التنمية العقاري بعقد ورشة عمل لتفعيل أثر تلك القرارات التي تصب في صالح السكن, وكيف يمكن تخطي العقبات التي تواجه المواطن بعد الحصول القرض وذلك بغية الوصول إلى ما يمكن المواطن من البدء مباشرة بالسكن حال حصوله على القرض, وأن تكون هناك خيارات متعددة له بحيث يختار بينها, لا أن يكون لديه خيار واحد، ويمكن أن تتم الاستعانة بخبراء من قطاع الإنشاءات, مع خبراء متخصصين في الإسكان, والاستفادة من الهيئة السعودية للمهندسين وخبراء اقتصاديين, بحث لا تذهب تلك المبالغ إلى عبث مقاول يلاحق من قبل مواطن وتضيع أعمار وأزمنة دون أن يحصل المواطن على ما يريد من سكن وعمران.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي