الأمير سلمان والشخصية الجامعة

الأسبوع الماضي، حظيت بشرف وفادة واستقبال الأمير سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، في مكتبه بقصر الحكم، ضمن وفد نادي ''الاقتصادية'' الصحفي، وأعضائه من كُتّاب الرأي، برئاسة الزميل الأستاذ عبد الوهاب الفايز، رئيس تحرير ''الاقتصادية''.
لن أتحدّث اليومَ عمّا دار في اللقاء، فهو منشور في الصحف السيّارة، ولكني سأكتب عمّا عنَّ لي من أفكار حول هذا الرجل الإنسان: القيمة والقامة.. ودارت أسئ‍لة كثيرة داخلي حول ما سأكتبه، بعدما رأيت بأمّ عيني حفاوة سموه لضيوفه وعفويته المعهودة، وحديثه الودود، الذي لا يخلو من متعة.. وساءلت نفسي: ماذا ستكتب عن شخصية سموه؟ هل عن سلمان الإنسان المحبِّ للخير، والمساهم فيه أم الإداري أم عن المهندس، والمخطط للرياض، وباني نهضتها؟ فماذا يخط القلم إذن ويتحدّث المتحدّث؟ وجدت صعوبة كبيرة في الحديث عن سموه، الذي تتنوع سماته الشخصية، وتتجمّع في شخص واحد: سلمان الإنسان، رجل الدولة المسؤول.
تربط الأمير سلمان بمدينة الرياض، على مدار نصف قرن ونيف من الزمان، قصة عشق كبيرة، فبادلته المدينة عطاءً بوفاء؛ ولعل المار بأحد شوارع المدينة، أو حيّ من أحيائها، أو ميدان من ميادينها المعروفة؛ أو اطّلع على أحد مشاريعها التنموية الرائدة؛ سيتذكّر، لا محالة سموه، وجهوده المبذولة، وتوجيهاته السديدة حتى تكون العاصمة الرياض في الإطار الأبرز..، بعدما حوّلها، بفضل الله تعالى، من رقعة صحراوية، إلى رياض خضراء: معنى ومبنى،.. مدينة ممتدة، نضرة تعج بالحياة، ليل نهار.. ممطرة بالخير والنماء لساكنيها وزائريها؛ وقلعة سامقة من قلاع الوطن، وبالرغم من متغيّرات الحياة يبقى الثابت فيها، عشق سموه وولعه بالمكان، وتضاعف حبّ أهالي الرياض لسموه الكريم.
ومَنْ أراد أنْ يتماس مع عالم الأمير سلمان بن عبد العزيز؛ عليه أن يلقي نظرة واحدة على الصفوف المتراصة من المراجعين له يوميًا، والتي ربما زاد عددها عن الآلاف، يتفحّص مسألة كل واحد منهم؛ ويبت فيها ولمَ لا، وهو من جامعة الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، طيّب الله ثراه، ''صقر الجزيرة'' وموحد كيانها، حيث يعدّه جهابذة العمل الإداري في المملكة، قامة إدارية لا يُشَق لها غبار..؛ وحسبي الإشارة إلى ما يستهل به عمله يوميًا من حرص شديد على البت في قضايا المراجعين، واستقبالهم، ومجالستهم، وتفاعله مع قضاياهم، بل أسلوب سموه المعهود عنه في الحديث إليهم ومهارته الخاصة في استعراض معاملاتهم، وشكاواهم.. وأذكر على سبيل المثال، أن جهبذًا من جهابذة الإدارة في المملكة، الراحل الدكتور غازي القصيبي، قد شغف بأسلوب سموه في هذا الخصوص، وكتب عن فنه الخاص في استعراض معاملاتهم، التي تشي بسمات شخصيته الإدارية والقيادية؛ وحقيقة معرفته بنفوس المراجعين ودقة تشخيصه للقضية والحزم في اتخاذ القرار الصائب...! فضلاً عن أسلوبه الخاص في الحوار وحسن التوجيه.
وقد اطلعت على بعض الإحصائيات عن أعداد المراجعين لسموه في الإمارة خلال الفترة من (1426هـ و1430هـ): حيث بلغ عدد المراجعين من جميع أنحاء البلاد خلال تلك الفترة (2.657.029) مليونين وستمائة وسبعة وخمسين ألفاً وتسعة وعشرين مراجعًا من المواطنين والمقيمين، و(6.028) ستة آلاف وثمانية وعشرين ضيفًا، كذلك استقبل سموه في مكتبه (19.583) تسعة عشر ألفاً وخمسمائة وثلاثة وثمانين شخصاً، وبلغ مجموع الحاضرين بجلسات سموه بقصر الحكم (116.127) مائة وستة عشر ألفاً ومائة وسبعة وعشرين شخصاً، ومجموع الحاضرين بجلسات سموه بقصره (23.250) ثلاثة وعشرين ألفاً ومائتين وخمسين شخصاً، وعدد المناسبات والاحتفالات التي رعاها سموه (238) مائتان وثمانية وثلاثون احتفالاً. يستقبل سموه الكريم، بابتسامته المعهودة، كل هذا العدد الضخم ..، وما يدعو إلى الدهشة، هو قدرة سموه الفائقة، على بذل هذا الجهد الوافر في استقبال مراجعيه وتوديعهم، ببشاشته، ووفادته المعهودة! ويجد المراجعون والحضور، والضيوف، والزائرون في ديوان سموه الكريم، متعة في متابعة أدائه القيادي، وحصافته الأبوية معهم.
وبعد أكثر من نصف قرن من العطاء والوفاء، يبقى الفضل الذي سطّره الأمير سلمان بن عبد العزيز، بأحرف من نور في سفر النهضة السعودية الضخم، شاهدًا، يستحق أن يقرأه العالم بأسره، وأن يدوِّنه تاريخنا الوطني، ويحتفي به، مثالاً لهمّة وعزم، وتصميم الرجال، صنّاع نهضة بلادنا الإعجازية، في زمن قصير، وجعلوها في طليعة موكب التقدم، وصدارة الرقي والازدهار.
ولا نظن، نحن الكُتّاب، أننا لن نستطيع أن نوفي أمير منطقة الرياض، حقّه، فالكلمات، لا محالة ستقصر على ذلك، وتتراجع خجلى، وحياءً؛ فهو إنسان، يغمرك بكرمه، وعطفه، وحبّه؛ وتجده الأقرب إلى قلبك .. وهذا من فضل الله عليه.
فهنيئاً للوطن، وهنيئًا لنا به، بل هنيئًا للعرب والمسلمين، بلْه للإنسانية جمعاء أن يتوافر فيها هذا الأمير الإنسان والقائد الفذ، والمعلم النصوح، والمثقف الواعي.. سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حفظه الله، ومتّعه بالصحة والعافية، ورزقه مزيداً من القوة والعزيمة، لمواصلة مسيرة الخير والنماء، وزيادة وتيرة التطور والبناء، لما فيه خير هذه البلاد الغالية، والأمة الإسلامية جمعاء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي