ما الأفضل للأسرة السعودية المتكونة حديثاً الامتلاك أم الاستئجار؟

ناقشت في المقالة السابقة بعنوان ''ما الأفضل .. امتلاك المسكن أم استئجاره؟'' جدوى امتلاك المسكن مقابل الاستئجار من وجهة نظر المتخصصين في الجوانب الاقتصادية لموضوع الإسكان في الدول التي يوجد لديها نظام التمويل بالرهن العقاري، وعرضت للحجج التي يسوقونها للمقارنة بين الجدوى الاقتصادية لامتلاك المسكن عن طريق التمويل بالرهن العقاري أو الاستئجار، والبراهين التي يعرضونها لإثبات جدوى أسلوبهم الذي يدعون إليه من خلال المعادلات الرياضية الاقتصادية أو عرض المزايا الاجتماعية التي تدعم وجهة نظرهم وتؤكدها.
وبما أننا بصدد صدور أنظمة التمويل والرهن العقاري وإقرارها، التي ستؤدي إلى تنافس المصارف والمؤسسات المالية الأخرى على تقديم برامج تمويل ميسرة وجذابة من أجل شراء المسكن أو بنائه مقابل زيادة محددة على رأس المال، وستفتح – من ثم - المجال على مصراعيه لكثير من الأسر السعودية للحصول على التمويل اللازم لامتلاك مسكن لأول مرة. فالسؤال الذي قد يشغل الكثير من الشباب هو: هل امتلاك المسكن عن طريق التمويل بالرهن العقاري أم استئجاره أفضل للأسر السعودية المتكونة حديثاً، التي تتميز بكونها في الغالب من الأسر الصغيرة؟
مما لا شك فيه أن الاستئجار سيبقى بديلاً دائماً للحصول على المسكن في كل زمان ومكان. ويظهر ذلك - بشكل واضح - عند النظر في النسب العالمية لامتلاك المساكن، حيث نجد أن المتوسط العالمي لامتلاك المساكن يتراوح بين 60 و70 في المائة، وأن نسبة تملك المساكن ترتفع لتصل إلى قرابة 90 في المائة في دول مثل إسبانيا والمكسيك، وتنخفض إلى دون 40 في المائة في دولة مثل سويسرا. كما أنه لا يوجد أي ارتباط بين ارتفاع نسبة تملك المساكن ومستوى النمو أو التطور في الدولة، ومع هذا، فإن نسبة التملك أصبحت تستخدم بصفتها مقياساً للحكم على جودة أنظمة التمويل الإسكاني في الدول وعلى مدى نجاحها.
وبالعودة إلى الإجابة عن السؤال المعنون للمقالة، فإني- ومع انحسار ثقافة الادخار لدى غالبية الأسر السعودية- أرى أن امتلاك المسكن بتمويل يعد بديلاً أفضل للأسر السعودية المتكونة حديثاً، حتى إن زادت قيمة الأقساط السنوية المستحقة عن تكلفة الإيجار السنوي لوحدة سكنية مماثلة. ولكنه يتعين على الراغبين في الامتلاك من الأسر المتكونة حديثاً اختيار مساكن تتوافق في مساحتها مع احتياجهم الحقيقي، وفي تكلفتها مع إمكاناتهم المالية، وأن يجتهدوا بعد ذلك في أن يجعلوا مدة تسديد أقساط التمويل في أقل عدد من السنوات. فلو أن الأسرة المتكونة حديثاً قررت شراء شقة صغيرة تحقق احتياجاتها خلال سنواتها الأولى عندما تكون الأسرة صغيرةً وعدد أفرادها قليلاً، عوضاً عن امتلاك مسكن أكبر، واجتهدت في تسديد أقساط تمويل امتلاكها خلال فترة تقل عن عشر سنوات، لاستطاعت بعد ذلك بيع تلك الشقة، واستخدام قيمتها دفعة مقدمة لشراء وحدة سكنية أكبر، ولتكن ''فيلا أو دوبلكس''، وبذلك تتمكن الأسرة من امتلاك المسكن الذي يعزز من ملاءتها المالية، وثقتها بالنفس، ومكانتها في المجتمع، وتتخلص من همِّ الإيجار وزيادته التي لا تنتهي.
أستاذ العمارة والإسكان

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي