ما الأفضل .. امتلاك المسكن أم استئجاره؟

هل امتلاك المسكن أم استئجاره أفضل؟ سؤال يُطرح باستمرار للاستفسار عن جدوى الامتلاك مقابل الاستئجار، كما أنه موضوع نقاش طويل ومستمر بين المتخصصين في الجوانب الاقتصادية لموضوع الإسكان في الدول التي يتوفر فيها نظام التمويل بالرهن العقاري، خصوصاً عندما تتم المقارنة بين الجدوى الاقتصادية لامتلاك المسكن عن طريق التمويل بالرهن العقاري أو الاستئجار من سوق المساكن المؤجرة. وكل فريق من الفريقين يحشد حججه ليؤكد على أن الأسلوب الذي يدعو إليه هو الأجدى اقتصادياً، ويسوقون لذلك البراهين ويقدمون المعادلات الرياضية الاقتصادية التي تثبت صحة نظريتهم، ويعرضون كذلك المزايا الاجتماعية التي تدعم آراءهم وتؤكدها.
فالذين يدعون إلى الامتلاك عن طريق التمويل بالرهن العقاري يؤكدون على أنه إذا توفر التمويل الإسكاني الميسر فإن مبالغ أقساط تسديد التمويل تكون مساوية لدفعات الإيجار السنوي لوحدة سكنية مماثلة في غالب الحالات.
ويسوقون لإقناع الناس بوجهة نظرهم الكثير من الحجج مثل: ''إذا استأجرت فأنت كمن يلقي بمبلغ الإيجار مع النفايات''، أو ''إن امتلاك المسكن بتمويل الرهن العقاري طريق ممتازة لبناء الثروة''، أو ''إن امتلاك المسكن بتمويل الرهن العقاري خطة إجبارية للتوفير''. ويُسّوقون لأفكارهم بالكثير من الأمثال والحكم المشابهة للأمثال الشعبية الموجودة لدينا في مثل ''بيت قد المراية ولا كل يوم كراية''، أو بمثل نعتنا للمبلغ الذي يدفع للإيجار بـ ''الدم الفاسد''. كما يعملون أيضاً على إظهار المزايا الأخرى التي يحققها التملك. فامتلاك المسكن يحقق للأسرة الشعور بالأمان والاستقرار ويمنحها الإحساس بالانتماء للمكان والحي وبقية المجتمع. ويلفتون الانتباه إلى أن الأسرة المالكة لمسكنها تحصل على الحرية الكاملة للتعديل والتغيير في وظائف المسكن ومظهره و''ديكوراته''، ولا يضطرون للبقاء تحت رحمة الآخرين ـــ مثل: ملاك العقارات في المساكن المستأجرة ـــ لإجراء عمليات الصيانة في حالة الحاجة إليها، كما أنهم لن يعانوا ضغوط زيادة قيمة الإيجارات، أو التعرض للطرد من المسكن أو إخلاءه بالقوة.
أما الفريق الذي يفضل استئجار المساكن على امتلاكها عن طريق التمويل بالرهن العقاري، ويعد الاستئجار بديلاً اقتصادياً ذا جدوى أكبر، فإنه يؤكد على أن الأقساط اللازمة لتسديد قرض تمويل شراء مسكن تفوق تكلفة الإيجار لمسكن مماثل له. كما أنه يدّعي أن المبلغ الذي يدفع مقدماً للحصول على التمويل، إذا ما تم استثماره لعدد أقل من عدد السنوات ـــ اللازمة لتسديد قرض التمويل ـــ في الأسهم أو في الصناديق الاستثمارية، فإنه يتعاظم ويصبح أكبر من قيمة المسكن. وينبه إلى أن الأقساط التي تدفع لامتلاك المسكن خلال السنوات الأولى تغطي قيمة المرابحة على مبلغ التمويل فقط، وهو ما لا يخدم الملاءة المالية للمالك خلال تلك الفترة أو يعززها. ويرى أن الاستئجار يمنح المستأجر حرية الحركة والتنقل داخل المدينة الواحدة أو بين المدن حسبما تقتضيه فرص العمل المتوفرة وظروفها، كما أن المستأجر ليس مسؤولاً عن أعمال الصيانة ولا يتحمل تكاليفها.
وسأعود إلى قراء ''الاقتصادية'' الكرام بمقالة أخرى ـــ إن شاء الله ـــ لاستكمال الموضوع بالحديث عن رأيي الشخصي في تملك المسكن أو استئجاره للأسر السعودية المتكونة حديثاً.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي