عبد الرحمن السويلم .. حلمك يتحقق!
في أواخر عام 1426هـ كانت هناك مذكرة داخلية كتبت بخط يدوي منمق وجميل، متجهة إلى الرئيس تحمل في ثناياها مقترحا مؤثرا في البيئة السعودية لو تحقق. كان المرسل هو الدكتور عبد الرحمن السويلم عضو مجلس الشورى والمرسل إليه الشيخ الدكتور صالح بن حميد رئيس المجلس, ولم تكن الرسالة إلا البادرة الأولى لنظام العمل التطوعي الذي أقره مجلس الشورى أخيرا.
ومع أن المقترح احتاج إلى قرابة خمس سنوات كي يرى النور بصورته النهائية، وأسهم فيه العشرات من خيرة العقول داخل قبة الشورى وخارحها, ولا سيما من أعضاء اللجنة الاجتماعية، إلا أنها اللحظة المناسبة التي ينبغي أن نشكر فيها واحداً من أبرز رجالات العمل التطوعي والخيري السعودي: الدكتور الفاضل عبد الرحمن السويلم، الذي كان له فضل المبادرة في هذا الإنجاز المبارك.
نظام العمل التطوعي بصورته الحالية جاء لتهيئة بيئة صحية يبذر فيها أفراد المجتمع جهودهم التطوعية بطريقة منظمة لتثمر ـ بحول الله ـ أنشطة ومشاريع مستمرة ومؤثرة. وجاءت تركيبة مجلسه الأعلى مناسبة وتحمل إشارة شبه صريحة بمدى استقلاليته عن الأجهزة الحكومية القائمة، ما سيعطيه مرونة أكبر واستجابة أسرع لحاجات المجتمع ورغبات المتطوعين، كما شاعت في أهدافه لغة التطوير والتفعيل بدلا من الرقابة, وهو ما يتناسب مع الجهود التطوعية التي تحمل أفضل النوايا وأحسن المقاصد.
ما يلاحظ على مشروع نظام العمل التطوعي ـ في رأيي المتواضع ـ أمران، أما الأول فهو المبالغة في الهيئة القانونية للمجلس ومستوى وظائف القائمين عليه، فرئيسه على مرتبة وزير وأمينه على المرتبة الـ 14، وجسم إداري بهذه الصورة، متوقع أن تكون المسافة بين قمة الهرم وقاعدته كبيرة جداً، يتطلب القرار فيه صعود مستويات إدارية متعددة وتطغى عليه الرسمية والبيروقراطية. في المقابل نجد أن الجهات التي تقوم بمهام هذا المجلس نفسها في الدول الأكثر تطوعاً أصغر حجماً وأبسط هيئة. ففي بريطانيا وأستراليا وغيرهما يقوم برعاية التطوع وتطويره منظمات خيرية تعمل على مستوى وطني.
أما الملاحظة الثانية فهي أن صلاحيات هذا المجلس تضمنت تسجيل الجهات التطوعية والترخيص لها، وكأنه بذلك سيزيد من عدد الجهات الرسمية التي من صلاحياتها الترخيص لمنظمات مشابهة، كما هو حال وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الشؤون الإسلامية، في الوقت الذي يأمل فيه المتخصصون في العمل الخيري والمهتمون به أن توحد جهة الإشراف ويعمل الكل تحت مظلة واحدة حتى تتوحد السياسات والنظم ويسهل التطوير والتنمية. فإذا كان المجلس سيحل محل كل الجهات القائمة المنظمة للقطاع الخيري في السعودية فهذا جيد، إلا أن لغة النظام تشير إلى جانب واحد من جوانب العمل الخيري العام وهم المتطوعون، وتنظيم العلاقة بينهم وبين الجهات المستفيدة من خدماتهم.
وفي العموم، فإن الإشارة إلى أي ملاحظات حول نظام العمل التطوعي ينبغي ألا تؤثر في احتفائنا به وفي كل من كان له بصمة في صدوره, ودعواتنا بأن نراه واقعاً ملموساً في القريب العاجل.