المساكن المصفوفة البديل المهمل
أصدرت وزارة الشؤون البلدية والقروية أخيراً قراراً ينص على السماح ببناء ملحق علوي في السطوح بنسبة 50 في المائة من المساحة، واستحسن الكثيرون هذا القرار وأشادوا به كونه سيضيف الآلاف من الوحدات السكنية، فعلى سبيل المثال صرح أمين المنطقة الشرقية أن هذا القرار سيضيف أكثر من ثلاثمائة ألف وحدة سكنية في المنطقة. ومما لا شك فيه أن العمل على رفع الكثافة السكنية بزيادة عدد الوحدات السكنية لكل مساحة من الأراضي السكنية، من خلال زيادة ارتفاع المباني السكنية أو تصغير مساحة الوحدات السكنية؛ يعد من الحلول الإيجابية التي تعمل على تيسير عملية تمكين الأسر من الحصول على المسكن وامتلاكه، وتقلل من تكاليف تطوير المناطق السكنية بالبنية التحتية والخدمات (المشتملة على: الكهرباء، والماء، والصرف الصحي، والسفلتة، والرصف، والإنارة، والمساجد، والمدارس، والحدائق، وغيرها من الخدمات والمرافق).
ولكن قرار السماح ببناء ملحق علوي في السطوح بنسبة 50 في المائة من المساحة يعزز زيادة عدد الوحدات السكنية من نوع الشقق، مع أن نسبة من المواطنين لا يحبذون - لأسباب اجتماعية – السكن في الشقق السكنية أو غيرها من الوحدات التي تقام في المباني السكنية ''متعددة الأسر''، وذلك راجع إلى اضطرارهم لمشاركة الآخرين في بعض خدمات مباني العمائر السكنية، وكذلك في المدخل وفي عناصر وفراغات الحركة الأفقية والرأسية المشتركة؛ ومواجهة المضايقات من بعض الجيران السيئين الذين لا يحترمون حق الجيرة، وتحمل الضوضاء والضجيج الذي قد يصدر منهم، وكذلك لتجنب الوقوع في المشكلات الفنية مثل: تسرب مياه دورات مياه أو مطابخ الشقق العلوية، وغيرها من المشكلات والمنغصات الشائعة في المباني السكنية ''متعددة الأسر''.
لذا أقترح على المعنيين في وزارة الشؤون البلدية والقروية والأمانات إعادة صياغة ضوابط تقسيمات الأراضي السكنية واشتراطات بناء الوحدات السكنية، والعمل على تعديلها بما يسمح بإنشاء مساكن صغيرة ومستقلة أيضاً، تزيد من عدد الوحدات السكنية لكل مساحة من الأراضي السكنية، وتتوافق تكلفتها مع مقدرة الأسر المالية؛ للمساهمة في تحقق الاستراتيجيات الوطنية الداعية إلى تمكين المواطنين من الحصول على المسكن الملائم، وزيادة معدلات التملك.
إن الوحدات السكنية المصفوفة row houses (المتلاصقة من الجانبين)؛ تعد بديلاً مهملاً على الرغم من أنها تحظى بجميع الخصائص التي تلائم الأسرة السعودية، فهي مساكن صغيرة تحقق استقلال الأسرة بشكل كامل في التملك والاستخدام والعناية والصيانة. إن جعل المساكن المصفوفة واقعاً في سوق الإسكان يتطلب العمل على إلغاء اشتراط العرض الإلزامي لواجهة قطعة الأرض السكنية على الشارع، وكذلك إلغاء اشتراط ضرورة ارتداد الوحدة السكنية من الجانبين؛ للدفع بالسوق – خصوصاً في المدن الرئيسية والمراكز الحضرية – إلى بناء مساكن مستقلة صغيرة ترفع من معدلات الكثافة السكنية، وتوفر - في الوقت ذاته - متطلبات الأسر السعودية وتحقق رغباتها وتتوافق مع إمكانياتها المالية. إنها دعوة لأن تمتلك كل أسرة سعودية مسكنها المستقل.