لنعزِّز مشاريع الهيئة العامة للإسكان بقيمة مضافة

على الرغم من توافر الكثير من تقنيات ومواد بناء المساكن المبتكرة والجديدة في السنوات الأخيرة؛ إلا أن أساليب تنفيذ الوحدات السكنية لدينا لا تزال محصورة بشكل كامل في النظام الهيكلي للخرسانة المسلحة، ولا غرابة في ذلك إذا كان التطوير إفرادياً من قبل ملاك الوحدات السكنية أنفسهم أو من قبل صغار المطورين، نظراً لجهلهم بهذه التقنيات والمواد الجديدة أو لعدم معرفة مقاوليهم طريقة استخدامها والاستفادة منها. كما أن اللوم قد يرفع أيضاً عن كبار المطورين وشركات التطوير العاملة في قطاع الإسكان؛ لإحجامهم عن المجازفة بتطبيق تقنيات أو مواد بناء جديدة في تنفيذ مشاريعهم، خوفاً من ألا تجد التقنيات والمواد الجديدة القبول الكافي لها في السوق، فتُمنى المشاريع بالخسارة أو لا تحقق الربح المتوقع. أما وقد أصبح تنفيذ مشاريع الإسكان ضمن أولويات الهيئة العامة للإسكان فإنه يتعين عليها - بل ربما يلزمها - أن تبادر بتنفيذ أجزاء من مشاريعها بتقنيات ومواد بناء جديدة بهدف خفض التكلفة ورفع الجودة، وإبراز ما تتمتع به التقنيات والمواد الجديدة من ميزات وخصائص، وإظهار أساليب الاستفادة منها لبقية العاملين في قطاع الإسكان، وفتح المجال لإجراء الدراسات والأبحاث المتخصصة على الطبيعة، والعمل فوق ذلك كله وقبله على توطينها ضمن تقنيات بناء المساكن المحلية.
وأقترح في هذا الخصوص أن تقوم الهيئة العامة للإسكان بدعوة كل شركة من الشركات المنتجة لتقنيات ومواد البناء الجديدة أو المتخصصة في تنفيذ المساكن بها؛ إلى بناء عدد من الوحدات السكنية (ولتكن بين 50 وحدة سكنية و100 منها) في مواقع مختلفة من مواقع مشاريع الهيئة، وأن تشجع الهيئة هذه الشركات بل تمنحها الحرية الكافية لإجراء التعديلات اللازمة على التصميم لخفض التكلفة وتحسين الجودة بما يتوافق مع خصائص التقنية المستخدمة، وأن يتم ذلك تحت إشراف الهيئة، وأن يتم توثيق عمليات التعديل، وكذلك عمليات التنفيذ بشكل جيد ودقيق حتى تتسنى الاستفادة منها في دراسات التقييم والتطوير المستقبلية.
إن تجربة بناء وحدات سكنية بتقنيات بناء مختلفة تعد رافداً من روافد تطوير المعرفة المجتمعية بتلك التقنيات والمواد الجديدة التي تسرع تنفيذ المسكن أو تخفض تكلفة تنفيذه أو صيانته أو تدفئته وتبريده، ووسيلة فاعلة لإقناع المجتمع بملاءمة هذه التقنيات أو المواد وجدوى استخدامها، وقد تنعكس هذه القناعات بشكل فاعل في حل بعض مشكلات الإسكان المحلية، خصوصاً أن الوحدات السكنية المنفذة بالتقنيات والمواد الجديدة ستصبح معرضاً مفتوحاً لخصائص التقنيات الجديدة ومميزاتها. كما أنها ستمثل مختبراً للباحثين والدارسين والمراكز البحثية لإجراء الدراسات والأبحاث التقييمية عن مستوى رضا السكان، والحصول منهم على تغذية مرتدة وموجهة، والاستفادة منها في إجراء الدراسات والأبحاث التطويرية في مجال تحسين جودة المساكن المنفذة بتلك التقنيات، وخفض تكلفة تنفيذها وتشغيلها وصيانتها، والرفع من كفاءتها بما يتوافق مع الخصائص البيئية والمناخية المحلية، وتطوير الجانب الإنتاجي بما يحقق رفع الجودة وسرعة الإنتاج بالجملة وخفض التكلفة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي