نصائح شاب غير متعلم

قد يكون من بين أخطاء معالجة ما يوجد في المجتمع من خلل في سوق العمل، أننا نهرع في كل مرة ننشد فيها الحل إلى من يحملون شهادات عليا متخصصة، أو إلى بيوت خبرة أجنبية ليقدموا لنا حلولا غالبا ما تكون حلولا لا علاقة لها بالسوق وما يجري فيه، بل إن البعض ممن يقدمون دراسات لمعالجة أوضاع مثل البطالة لم يحتكوا بمن يعانون البطالة ليعرفوا ما واجهوه من مصاعب وهم يبحثون عن عمل، كما لم يطلعوا على تجارب شباب بدأوا أعمالا صغيرة ثم كبرت وأصبحوا مثالا للكفاح والنجاح في سوق تسيطر عليه العمالة الأجنبية، وتمارس فيه تكتلا يهدف إلى إقصاء أي مواطن يدخل مجالا من مجالاتها.
قبل فترة جمعتني جلسة بأحد الشباب ممن أثبتوا نجاحا في مجال العمل الحر، رغم أن مؤهله لم يتجاوز المرحلة المتوسطة، وقد حرصت على أن أسمع رأيه عن أسباب فشل كثير من الشباب في اقتحام سوق العمل، فكان أن استمعت إلى عدة رؤى، كنت أتمنى أن كثيراً من الشباب استمعوا إليها ليعرفوا أن سوق العمل لدينا فيه خير وفير، ومن الخطأ تركه ليكون مجالا رحبا للعمالة الوافدة، رغم أنه سوق لا يحتاج في الغالب إلى مؤهلات ولا إلى رأس مال كبير.
هذا الشاب الذي بدأ عمله في بقالة صغيرة كان يمارس فيها البيع بنفسه، وبعد أن كون له رأس مال انتقل إلى العمل على المعدات الثقيلة من شاحنات وصهاريج مياه، ثم تفرع نشاطه ليشمل عدة مجالات، يقول إن أساس النجاح في أي عمل حر ينطلق من أمرين، الأول ألا يخجل الإنسان من المهنة التي يمارسها مهما كانت متواضعة، والثاني أن يباشر عمله بنفسه ولا يعتمد بشكل كلي على العمالة، وأشار إلى أن إشكالية كثير من الشباب أنهم يبدأون نشاطاً تجارياً دون تخطيط، ثم يضعون عاملا أو مجموعة عمال يديرونه وينصرفون عن الإشراف المباشر عليه، ثم تبدأ مرحلة الانسحاب من السوق حينما يرون الخسائر التي تنتهي بتقبيل المحل، وأحيانا تقبيله على العمالة التي تديره، ثم يفاجأ بأن المشروع الذي كان خاسراً قد نجح، وروى قصص عدد من الشباب الذين نجحوا في مجال العمل الحر.
إن ما نحتاج إليه هو أن نطرح تجارب الشباب ممن بدأوا مشروعاتهم من الصفر ونجحوا فيها، وأن نقدمهم كنماذج عبر وسائل الإعلام، وعبر إحدى حلقات الحوار الوطني، بحيث يتم تناول تجارب هؤلاء الشباب، وكيف استطاعوا أن ينافسوا في سوق تصعب فيه المنافسة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي