الإسعافات الأولية .. الضرورة والترفيه

تعد الرعاية الصحية للإنسان هي العامل الأساسي في تسجيل معدلات عالية لحالات طول العمر، وعلى الرغم من أن مسألة طول العمر أو قصره بلا شك بيد الله وحده ـ عز وجل ـ، فهو الذي يحيي ويميت، إلا أن العمل بالأسباب مهم ويدخل تحت السعي، وهو من الأمور التي يجب على الفرد القيام بها، على ألا يقتصر ذلك على أمر محدد بعينه، ولكن على جميع متطلبات الشخص الصحية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، حتى في الأمور التي هي أبسط من ذلك يجب أن يبذل الفرد فيها مجهودا للعمل بالأسباب، وتحديدا فإن تحقيق الأسباب يجب أن يكون على الموضوعات التي يرجو من خلالها الفرد تحقيق أهداف إيجابية للحفاظ على سلامة حياته ومسيرتها، ومع تطور العصور انتشر الوعي الصحي على مستوى العالم بمعدل مرتفع، لدرجة أن كثيرا من الإحصاءات الحديثة تشير إلى استجابة عديد من المجتمعات أخيرا إلى ما يسمى بحملات الطب الوقائي، وعلى الرغم من نسبية تلك الاستجابة إلا أنه قد انتشرت هناك خطوات صحية إيجابية كالكشف المبكر عن الأمراض الخطيرة، والكشف الدوري المستمر عن الجسم من ثلاثة إلى ستة أشهر وغير ذلك، بل إن ممارسة الفرد عادات قاتلة كالتدخين وغيره من العادات السلبية الأخرى هي لا تعني إطلاقا عدم وعيه بعواقبها، بل إن غالبية المدخنين يعلمون الأضرار الناتجة من تلك العادة، ولكن الانخفاض النفسي للإرادة هو الذي يدفع إلى الاستمرار عليه، إذًا فإن الوقت المعاصر يضع بين أيدينا كمًّا هائلا لا يعد ولا يحصى من المعلومات الثمينة في المجال الصحي وكل المجالات، لذا فإن الحديث عن نقص المعرفة يظل الأكذوبة السطحية لمن لا يريد أن يتعلم بإرادته وليس نقصا في مصادر التعلم أو المعرفة.
ولعل المناهج الدراسية التي تمثل الجانب البنائي لأبنائنا هي القناة الأولى التي يتشرب منها الطفل، وهي في حكم ما يشير إليه علماء النفس بمنزلة البذرة التي لا تنمو إلا بالماء النظيف لتُنتج ثمارا صالحة للأكل الآدمي، والمعلومة المبكرة أيا كان مكانها الأسرة أو المدرسة هي التي تحكم من البداية على العقل إما بالصلاح أو العكس، لذا فإن العمل على تطوير المناهج الدراسية تطويرا إيجابيا علميا على مستوى العالم إنما يخدم الإنسان ويفعل فيه كيفية الاستفادة من إمكانات العصر شريطة انطلاق ذلك التطوير من القواعد الأساسية لكل مجتمع، ولكن على الرغم مما يدور حولنا في عملية تطوير المناهج، إلا أننا نظل في حاجة كبرى إلى مقرر مهم جدا يخص صحة الفرد وسلامته، وهو تخصيص ولو حصة واحدة في الأسبوع يتم الحديث فيها عن الإسعافات الأولية، على أن تكون مقررا أساسيا مُلزما للطلاب والطالبات، ولو نظرنا حولنا لوجدنا أن عددا ليس بقليل من الحالات التي فارقت الحياة بسبب عدم إدراك المحيطين للطريقة السليمة للإنقاذ، فالأمر يجب ألا يكون اختياريا أو نشاطا أو تحت الهوايات كما تضعه بعض المدارس، بل يجب أن يكون مادة مستقلة مكثفة يقتنع الطالب بأهميتها الفعلية، ويستطيع أن يمارسها على أرض الواقع لا أن يقرأها من صفحات الكتاب المدرسي فحسب، الأمر غاية في الأهمية، فهل فعلا تضاف مثل تلك المقررات إلى مدارسنا؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي