الشائعات السلاح الاقتصادي الخفي

عند الساعة العاشرة وثلاثة عشرة دقيقة من صباح يوم 24 يوليو 2025 ينشر حساب مجهول اتخذ اسم "والتر بلومبيرغ" قرارا للرئيس ترمب بتعليق التعرفة الجمركية عن كافة بلدان العالم عدا الصين، وخلال دقائق سارعت قناة سي إن بي سي ووكالة رويترز وعديد من القنوات والوكالات الفضائية والرقمية بنشر الخبر، حتى أصبحت الكذبة حقيقة في دقائق، على إثرها ارتفعت مؤشرات أسواق الأسهم الأمريكية والعالمية ارتفاعات كبيرة.
وبدقائق بعد انتشار الخبر يخرج المتحدث الرسمي للبيت الأبيض لينفي تلك الشائعة لترتد الأسهم الأمريكية، وتصبح هناك موجة بيع هستيرية خسرت السوق الأمريكية منها مع الاقتراب من الساعة الحادية عشرة صباحاً ما يقارب ترليونين ونصف ترليون دولار.
هذه القصة والتي كأنها من نسج الخيال، هي قصة واقعية تتكرر كثيراً في عالم السياسة وفي عالم الاقتصاد وفي عالم المال، فالشائعة مثل الشرارة التي تلقى في كومة القش محدثة هالة عظيمة من اللهب والدخان الذي يصعب السيطرة عليه، خصوصاً مع مزجها بوسائل الذكاء الاصطناعي والحروب الإلكترونية التي تغير الموازين في لحظات.
وهي محرك رئيسي من الأعداء لإيصال ما يصبون له بأقصر الطرق، فكم من كيانات عملاقة وإمبراطوريات اقتصادية عابرة للقارات أفل نجمها، بسبب شائعة ضخمت كما تتضخم كرة الثلج الساقطة من جبل حتى قضت بحجمها الهائل أثناء السقوط على الكيان الذي كان يعتقد أنه لا يوجد شيء في العالم قادر على أن يهزه فضلاً عن أن ينهيه.

من هنا انطلق إلى ضرورة أن تتخذ شركاتنا وكياناتنا السعودية الاقتصادية البصر والبصيرة في هذه الأزمنة أكثر بكثير من الأزمنة الغابرة، فالأمور أصبحت تتغير بالثواني، ولذلك ليس معنى الحث على التسارع في زمن الذكاء الاصطناعي أن تكون القفزات والقرارات غير مدروسة، كما أن قرار الشركة أو الكيان الاقتصادي قبل أن يتخذ يجب أن يرى توافقه مع قرار الدولة.
فصانع القرار الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء المحنك محمد بن سلمان قد رسم رؤية لسنوات مقبلة، تسير على إثرها كافة مرتكزات الدولة في وتيرة متزنة وسط هذا البحر المتلاطم، فتسارع المركب السعودي قد مزج الاستشراف الإستراتيجي بحيثيات الواقع المتسارع ووضع رؤية واضحة يتجه إليها بقفزات تسبق الآخرين مع اتزان في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وبالطريقة والآلية المناسبة، التي تصب في مصلحة كل كيانات ومؤسسات السعودية وتجعلها أكثر صلابة ومنافسة وتقدماً، وتجعل مؤشر الاقتصاد السعودي في تصاعد مضطرد وآمن.

مستشار قانون دولي وتجاري وGRC

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي