تعلم القراءة بشكل جديد

بعض الناس يستطيعون أن يضعوا مشاكلهم بعناية داخل صندوق ويستمروا في حياتهم حتى لو كان جانب مهم منها ــــــ عملهم مثلا أو حياتهم العاطفية ـــــــ يتداعى بوضوح، وآخرون يتركون مشكلة واحدة تطغى على كل شيء وتصبغ حياتهم بلون قاتم، إنهم يحولونها لمأساة، فعندما ينقطع خيط من خيوط حياتهم ينحل كل النسيج.
هذا يجعلنا نتفكر في التعرف على فن الأمل والذي يجيده الأشخاص المتفائلون، وهو يعتمد على بعدين أساسين يؤخذان معا وهما إيجاد أسباب دائمة وشاملة للأحداث السعيدة مع أسباب مؤقتة ومحددة لسوء الحظ، أما صناعة اليأس فتعتمد على إيجاد أسباب دائمة وشاملة لسوء الحظ والأحداث السيئة وأسباب مؤقتة ومحددة للأحداث السعيدة.
إن الأشخاص الذين يفسرون المواقف السارة على أنها دائمة وشاملة، ويجدون تفسيرات وقتية ومحددة وغير شخصية للتجارب السيئة يستردون عافيتهم سريعا من المشاكل ويستعيدون السيطرة على مقود الأحداث بسرعة ليندفعوا للحياة والعمل مرة أخرى، أما أولئك الذين يقدمون تفسيرات مؤقتة ومحددة للنجاح ويميلون إلى تحليل التجارب السلبية بتفسيرات دائمة وشاملة وشخصية فإنهم يميلون إلى الانهيار تحت الضغوط ونادرا ما يعودون للعيش والعمل بالكفاءة السابقة نفسها.
ما نقوله لأنفسنا عندما نواجه فشلا قد يكون بلا أساس شأنه شأن أقاويل منافس غيور، وإن التفسيرات المنعكسة عادة ما تكون تشوهات أو عادات فكرية سيئة أفرزتها خبرات غير سارة في الماضي، صراعات الطفولة، أو قسوة وصرامة الأهل، مدرس شديد الانتقاد، أخت كبرى متسلطة أو زملاء حسودون، ولكن لأنها تبدو صادرة من أنفسنا فنحن نتعامل معها كحقيقة لا ريب فيها.
إن ما يحدث لنا ليس له مسبب واحد، ومعظم الأحداث يتداخل فيها العديد من الأسباب، لكن المتشائمين لديهم ميل للتعلق بأسوأ هذه الأسباب وأكثرها استمرارية وانتشارا، وإذا أردنا التعافي من ذلك التفكير التشاؤمي فمن الضروري أن نتراجع للوراء ونبتعد عن تفسيراتنا السلبية للأحداث بالقدر الكافي الذي يسمح لنا بالتشكك في صحة قراءتنا للحدث، والبدء بتفنيد الاعتقادات السلبية القابعة خلال تفسيراتنا عبر التساؤل عن مدى أهمية التشبث بأكثر التحليلات والأسباب كآبة، وبذل الجهد والتدريب حتى نتمكن من الوصول للبراعة في توليد العديد من بدائل التفكير التي تشوه التفسيرات المأساوية وتبحث عن مدعمات للتفكير الإيجابي في قراءة المواقف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي