الحدية الأخلاقية

يذكر أحدهم أنه استقل طائرة , و كان من ضمن الطاقم مضيفة توزع ابتساماتها على الركاب , و عندما مرت به , طلب منها مصحفاً و حيث أنه لم يكن هناك مصحف بالطائرة فقد أخرجت من حقيبتها مصحفها الخاص (الذي كانت تقرأ فيه وقت فراغها)و ناولته إياه .

هذا الموقف الذي ذكره لي من أثق به , يصدم من يعاني من حدية أخلاقية : فالإنسان في نظره إما فاضل أو سافل و لا شيء غيرهما !

الحدية الأخلاقية تفترض نوعين من البشر : أخيار و أشرار , و إذا قمت بعمل لا يعمله الأخيار فأنت شرير !

الفضيلة درجات و الرذيلة دركات , و ليس يعني الحوز على فضيلة أن يكون الواحد ملك , و لا يعني أيضاً أن الوقوع في رذيلة أن يكون الواحد شيطان.

ذكر لي أحدهم عن صديق له خرج مع فتاة (ليست من محارمه) و ضبطهما رجلان في السيارة , فأخذا يعظان الشاب بأن هذا عمل لا يصح و هل ترضاه لأختك . . , ثم ذهب أحدهم لنصح الفتاة , بعدما ركب الشاب السيارة تفاجأ ببكاء الفتاة , فظن لأول الأمر أن سبب البكاء الموعظة , لكنها أعطته ورقة بها رقم الشخص الذي نصحها , فهذا الرجل يظن بما أنها خرجت مع شاب فلا بد أن تخرج مع غيره!

لا بد من استحضار البيئة التي يعيش بها الفرد قبل الحكم الأخلاقي عليه , فما يكون في
بيئة مقبولاً قد لا يكون مقبولا في غيرها , و هنا تُفسر تفسيراً آخر , فمثلاً عندما كنت أدرس في الجامعة , قدم مدرس لنا إنجليزي لنا صوره العائلية تودداً لنا, وهذا أمر غير مقبولا لدينا , لكن علق أحد الزملاء على صورة زوجته بأنها جميلة , التعليق طبعاً لم يعجب الأستاذ , لكن الزميل ظن بتقديم الأستاذ صورة زوجته أن لا غيرة لديه !

في شخصية كل واحد فضائل و رذائل , و الحكم على الأغلب عليه , لكن هذا لا يعني الحكم القطعي عليه أنه إما ملك أو شيطان , مع التأكيد هنا أن الخطأ يظل خطأ ,لا ينبغي التهوين منه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي