حساب التطهير

تحرص المؤسسات المالية الإسلامية على سلامة معاملاتها من الناحية الشرعية بحيث لا يدخل المال المحرم شرعاً إلى أرباح المؤسسة وعند دخول هذه المبالغ المحرمة يتم تجميعها ووضعها في حساب خاص ومن ثم يتم التخلص من هذه الأموال بالطرق الشرعية في أحد أوجه الخير. وهذه الأموال من مصادر محرمة أدت إلى أن تقرر الهيئة الشرعية لدى المؤسسة المالية التخلص منها ووضعها في حساب التطهير أو حساب الخيرات على اختلاف المسميات بين المؤسسات المالية، فمن مصادر حساب التطهير العمليات التي تتم بين المؤسسة والعملاء بطريقة ترى الهيئة الشرعية للمؤسسة أن فيها مخالفة للعقد الشرعي الواجب تطبيقه فتقرر تجنيب أرباح هذه المعاملة ووضعها في حساب التطهير. ومن ذلك أيضاً أن يكون لدى المؤسسة حسابات جارية مع بنوك تقليدية يتم احتساب فوائد بنكية عليها فتقوم المؤسسة بسحب هذه الفوائد ووضعها في حساب التطهير. كما أن بعض المؤسسات المالية لديها صناديق استثمار في الأسهم فيتم استخراج العنصر المحرم في السهم ويوضع في حساب التطهير. ومن الأموال التي يتم تطهيرها وقد كثر فيها الخلاف الفقهي ما يسمى غرامات التأخير وهي أنه في حالة تأخر العميل المليء المماطل عن السداد فهل يجوز أن يؤخذ عليه مبلغ زائد على الدين مقابل تأخيره؟ رأت بعض الهيئات الشرعية أن أخذ مثل هذا المبلغ من الربا المحرم والذي لا يجوز أخذ الزيادة فيه على أصل الدين بينما قررت بعض الهيئات الشرعية جواز أخذ الزيادة بشرط التصدق بها وذلك من باب الإلزام بالتبرع كما قررت ذلك هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية في المعيار الشرعي للمدين المماطل.وعند الحديث عن حساب التطهير فإني لي بعض الرؤى والأفكار حوله، من ذلك أن تقوم المؤسسات المالية بالإعلان عن المصادر التي تم الصرف فيها حتى يعطي العملاء مزيداً من الثقة والاطمئنان بالآلية المتبعة للتوزيع، ومن المعلوم أن الهيئات الشرعية اشترطت ألا يتم الاستفادة من هذا الحساب لمصلحة المؤسسة مادياً كأن يدخل في الأرباح أو يعاد استثماره، ولا معنوياً كدعاية وإعلان إلا أن الأمر مختلف هنا حيث يعلن أن هذا التبرع من حساب التطهير وليس من صافي أرباح المؤسسة. كما أرى أنه من المناسب عند توزيع هذه المبالغ التركيز على قطاعٍ معين فمثلاً مؤسسة تركز على القطاع الصحي بشراء بعض الأجهزة والمعدات الطبية والتكفل بعلاج المرضى وإجراء العمليات الجراحية إلى آخره ومؤسسة تركز على قطاع التعليم والبحث العلمي وكراسي البحث ومؤسسة تهتم بالجانب الإغاثي ومعالجة الفقر إلى آخره بحيث يعم النفع لهذه الحسابات كما سوف يظهر أثر هذا التبرع مع الزمن عند دعم المؤسسات المالية لجهة أو جهتين في أحد القطاعات السابقة. وأخيراً فإن هذه الأموال يراد بها التخلص من العنصر المحرم وليس التبرع؛ لهذا على المؤسسات المالية أن تفصل بين التبرعات التي هي من صافي أرباح المؤسسة وحساب التطهير الذي أصله محرم وذلك بأن تستمر المؤسسة في التبرع والمساهمة في خدمة المجتمع وتقديم الدعم ولا توقف ذلك بسبب ما دفعته من مبالغ التطهير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي