Author

مهنة المحاسبة والعولمة

|
على الرغم مما تتعرض له مهنة المحاسبة من التغيرات والتأثيرات الدولية، والتوجه نحو العولمة فيما يتعلق بإعداد التقارير المالية، إلا أن الجهات المشرفة على مهنة المحاسبة في المملكة – وللأسف - لم تدرك التأثيرات المستقبلية لهذا التوجه، بل لم تعمل على صياغته والمشاركة فيه. فالمحاسبون وعلى رأسهم هيئة المحاسبين مازالت تتفرج على المشهد دون القيام بخطوات فعلية للدخول في هذا التوجه العالمي. إن القول إن مهنة المحاسبة متطورة في المملكة أصبحت مسألة تاريخية! وفي حال أن الهيئة لم تعمل على تلافي التحديات المستقبلية، فإن الوقوف على الأطلال لن ينفع حينئذ؟ وحتى نكون أكثر دقة فإن التحدي الرئيس الذي تواجهه مهنة المحاسبة هو الموقف من المعايير الدولية. إن من يتابع المشهد المحاسبي في المملكة يعلم يقيناً أن القضية الرئيسة التي شغلت الهيئة والمحاسبين خلال العقدين الماضيين هي مسألة ''المعايير الدولية''. ولعلنا لا نبالغ إن قلنا أن هذه القضية صرفت الهيئة وشغلت المحاسبين عن قضايا أخرى مهمة كالسعودة وتوطين المهن المحاسبية. وعلى الرغم من أن موقف الهيئة من ''المعايير الدولية'' كان صواباً قبل 20 عاما إلا أن الأمور تغيرت منذ ذلك الوقت، فالدول الكبرى التي وقفت ضد تيار ''العولمة'' تراجعت أخيرا وبدأت الدخول في نادي ''المعايير الدولية''، وأكبر مثال موقفا الولايات المتحدة واليابان، خصوصاً بعد تأثير الأزمة المالية على الاقتصاد العالمي وظهور ''مجموعة العشرين''. لذا فإن موقف هيئة المحاسبين غير الواضح من المعايير الدولية ''غير صحي''. كما أن استمرار الهيئة في موقفها المتحفظ من تبني المعايير الدولية والإصرار على نهجها القديم في إصدار معايير محلية لا يبدو مناسبا في الوقت الحاضر. إن انضمام المملكة إلى مجموعة العشرين يفرض على المملكة الالتزام بالتوصيات التي أصدرها الاتحاد الدولي للمحاسبين. وفي هذا الموضوع، فإن الاتحاد الدولي أوصى بــ ''الإسراع بتبني وتطبيق المعايير الدولية للتقارير المالية IFRS والمعايير الدولية للمراجعة ISAs ومتطلبات استقلال المراجع الواردة بقواعد سلوك وآداب المهنة الخاصة بالمحاسبين المهنيين. وهذه التوصية تعني ضرورة التماشي مع المعايير الدولية ابتداء. كما أن الواقع الإقليمي المتمثل في الوحدة النقدية الخليجية، والتنسيق بين مسؤولي هيئات الأوراق المالية في دول مجلس التعاون, مما يدفع بضرورة توحيد المعايير المحاسبية المستخدمة في دول التعاون. وأعتقد أن هيئة المحاسبة في المملكة يجب أن تدرك الضغوط السياسية المتمثلة في تبني واقتناع دول مجلس التعاون بالمعايير الدولية. وبالتالي، فإن الهيئة يجب أن تعي الظروف السياسية والاقتصادية، وأن تتبنى استراتيجية إيجابية في التعامل مع المعايير الدولية حتى لا ''يفوتها القطار''، ''فتدويل'' المعايير المحاسبية مسألة وقت فقط!!
إنشرها