تسعينيان .. في ريعان شبابهما!

قد لا يسترعي انتباهك شاب قد امتلاً حيوية ونشاطاً لأن النشاط سمة هذه الفئة العمرية، ولكن ما يسترعي الانتباه هو نشاط وحيوية رجل تجاوز التسعين من عمره. هذا النشاط المميز لضيفي هذا المقال، ليس نشاطاً جسدياً وإن كانا يتمتعان بصحة جيدة أسأل الله أن يديم عليهما فضله، وليس نشاطاً تجارياً وإن كانا يتربعان على شركة تجارية عملاقة بارك الله لهما فيها، لكنه نشاط من نوع آخر قلّ أن يوجد بين أقرانهما في العمر والثروة. إنه نشاط الخير والإحسان، فلا تذهب إلى مدينة من مدن المملكة إلا وتجد لهما بصمة واضحة، ولا تسمع عن صنف من أصناف الخير المتنوعة إلا وتجد لهما حضوراً ملموساً، ويندر أن ترى نشاطاً خيرياً مميزاً إلا وتدرك أنهما أمامه أو خلفه أو يقفان بجانبه.
إنهما الشيخان الكريمان محمد وعبد الله بن إبراهيم السبيعي اللذان ضربا لأصحاب الثروات الطائلة والأرصدة الوفيرة مثالاً صادقاً ورائعاً في علاقة التاجر المسلم بالمال ودوره في المجتمع والآلية الناجحة لإدارة أعماله الخيرية.
بدآ حياتهما بيتم مبكر وفقر مؤلم وعمل شاق، ومع ذلك فلم ينسهما انفتاح الدنيا عليهما فيما بعد حق الله في ثروتهما المتنامية فكان المال بالنسبة لهما وسيلة وليسه غاية، وسيلة للإسعاد في الدنيا والآخرة، وأدرك الأخوان في فترة مبكرة دورهما المنتظر في المجتمع فكانت أياديهما البيضاء ممتدة إلى الفقير والمحتاج في شتى أنحاء المملكة. وحتى يعظّما أثر أعمالهما الخيرية وأجرهما معاً، أنشآ في عام 1424 هـ مؤسستهما الخيرية وأوقفا لها مبلغا من المال يعانق المليار ريال، ثم أوكلا مهمة إدارتها لفريق من المحترفين برئاسة الدكتور عادل السليم صاحب الخبرة الطويلة في إدارة الأعمال الخيرية فكانت نتائج ذلك عقدا من الأعمال الخيرية النوعية التي تجاوزت المفهوم التقليدي للعمل الخيري وفي كل خير وأجر، فهناك في شعاب مكة عيادات طبية متنقلة، وعلى أرض الجنوب ثمة برامج لتمكين الفقراء بمهنة كريمة، وفي أقاصي الشمال مشاريع لتطوير الجهات الخيرية المتنوعة، وفي القصيم بوادر لإنشاء مستشفى خيري وعلى الساحل الشرقي برامج دؤوبة لتأهيل الشباب والفتيات لمرحلة الزواج وفي العاصمة الرياض هناك تحالف مع الجهات المعنية لرعاية الموهوبين وغيرها الكثير من المشاريع الخيرية النوعية التي يصعب حصرها في هذه العجالة.
في مجتمع كريم ومعطاء كالمجتمع السعودي لا نستغرب كثرة محبي الخير وباذليه لكن الشيخين الفاضلين محمد وعبد الله السبيعي ضربا مثلاً رائعاً في ممارسة العمل الخيري باحترافية وفق خطط مدروسة وأهداف استراتيجية تقود المشاعر والجهود والأموال نحو مشاريع مؤثرة تعود عليهما بأوفر الأجر وعلى المجتمع بأعظم الأثر. أسأل الله أن يمد في عمري هذين الشيخين الكريمين على طاعته ليستمتعا برؤية مزيد من ثمار مؤسستهما الخيرية، التي تتدفق بحيوية الشباب ونشاطه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي