شركات الهاتف المحمول ستسيطر على حياتنا الاجتماعية

في السنوات الخمس الأخيرة برزت تطبيقات تكنولوجية جديدة متعددة من خلال الشبكات الاجتماعية (كموقع فيسبوك) وغيرها تؤكد أن الناس تدريجيا سينظمون حياتهم الاجتماعية وتواصلهم مع الآخرين بدءا من الأقارب والأصدقاء ومرورا بالتعارف العاطفي وانتهاء بالعلاقات العامة عبر هذه التقنيات الاجتماعية الذكية.
خذ على سبيل المثال مسنجر بلاكبيري الذي صار محورا للتواصل الاجتماعي لدى مستخدمي بلاكبيري، والأمر نفسه ينطبق على رسائل الجوال، ومختلف تطبيقات المسنجر على جهاز الكمبيوتر ومواقع فيسبوك وتويتر ولينكد إن وغيرها . هناك في رأيي هجرة جماعية حول العالم إلى الشبكات الاجتماعية، وهناك نقلة سريعة في أسلوب حياة الناس رغم أنه لم تمر سنون قليلة على وجود هذه التطبيقات الاجتماعية في حياتنا، وهي بالتأكيد ستسيطر على أسلوب حياة الجيل القادم الذي سينشأ على التواصل الاجتماعي عبر التكنولوجيا وليس عبر الطرق الكلاسيكية السابقة في التعارف أو التواصل مع الآخرين، خاصة مع التطورات المرتقبة في هذه التطبيقات, التي تحدثت عنها في مقالات سابقة.
أهم هذه التطورات - في رأيي - وجود مؤشرات قوية على أن الانتصار في تقديم هذه التطبيقات سيكون لشاشة الموبايل وليس لشاشة الكمبيوتر، حيث سيتخلى الناس تدريجيا عن استخدام الكمبيوتر لاستخدام التطبيقات الاجتماعية لينتقلوا إلى استخدامها على الموبايل، ليصبح هو المركز المسيطر على حياتنا الاجتماعية في تنظيمها وتطويرها.
هناك فئات عديدة من الشركات التي تحاول الاستفادة من ثورة شبكات الموبايل الاجتماعية Mobile Social Networking منها شركات أجهزة الموبايل كما فعلت ''بلاكبيري'' من خلال المسنجر، وكما تحاول ''أبل'' من خلال أجهزة آيفون وتحاوله حاليا ''نوكيا'' في الشرق الأوسط، وهناك شركات الاتصالات التي يحاول بعضها الاستفادة من هذه الثورة كما فعلت شركة الاتصالات السعودية وشركة اتصالات الإماراتية وبعض شركات الاتصالات العربية الأخرى، وهناك شركات برمجيات الموبايل التي تحاول بكل الطرق تقديم برامج وتطبيقات تقوم على التواصل الاجتماعي. ما يشجع الجميع طبعا على هذا الاستثمار هو الإحصاءات العالمية التي تشير إلى النمو السريع والهائل لاستخدام الموبايل في الدخول على مواقع الشبكات الاجتماعية حيث وصل إلى 30.8 في المائة عام 2009 بين مستخدمي أجهزة الموبايل الذكية أو المتقدمة.
هناك عوائق طبعا وأهمها شركات الاتصالات التي ما زالت تطالب الجمهور بتكاليف عالية لاستخدام الإنترنت على الموبايل (ما ترك الفرصة لـ ''بلاكبيري'' للانفراد بالنجاح حتى الآن)، وعدم وجود مصداقية لدى شركات الاتصالات أنها لن تتدخل في خصوصية مستخدمي الشبكات الاجتماعية، ولن تمارس الرقابة الحادة عليهم، ما يعطي شاشة الكمبيوتر الفرصة لتنتصر لأن الخصوصية أكبر والتدخلات أقل. شركات الاتصالات أيضا خائفة من تطبيقات الشبكات الاجتماعية لأنها تؤثر مباشرة في أكثر صناعة مربحة في التاريخ وهي رسائل الـSMS (وهذا سبب رئيس لوجود نقاش الآن في أوساط صناعة الاتصالات في المملكة حول منع مسنجر بلاكبيري من خلال هيئة الاتصالات)، وخائفة أيضا من المنافسة الخاسرة مع شركات الأجهزة ومواقع الإنترنت (مثل فيسبوك وياهو وMSN).
على الرغم من كل هذه العوائق، فإن الأمر هو مجرد وقت، لأن رغبة الجمهور العارمة في أن تكون حياته الاجتماعية منظمة من خلال الجهاز الذي يعيش معه في كل مكان، أي الجوال، ستنتصر في النهاية على هذه العوائق كما حصل في كل الأمور المشابهة سابقا. السؤال فقط هو: من سيستطيع تقديم الفكرة الأفضل التي ستجذب الجمهور، بينما السؤال الآخر هو: ما إذا كانت شركات الاتصالات ستستطيع التنبؤ بملامح التغير وإيجاد ما يكفل لها الاستفادة منها، أم أنها ستكتفي بمراقبة ما يحصل دون حراك؟
التواصل الاجتماعي المكثف أفقيا وعموديا أمر أساسي في حياة الإنسانية، وهو أمر أساسي جدا في الثقافة العربية، وكل المؤشرات تؤكد أن التكنولوجيا, خاصة تلك المعتمدة على أجهزة الموبايل تسيطر تدريجيا على هذه العلاقات، لأنها تمثل الحل الأمثل لتنظيم تواصلنا مع آلاف الناس الذين نعرفهم أو نحتاج إلى أن نعرفهم بشكل أو بآخر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي