الأندية الطلابية في الخارج .. جيش من المتطوعين يتبخر!

تقوم الملحقيات التعليمية التابعة لوزارة التعليم العالي في دول متفرقة بجهود جبارة لدعم ومؤازرة آلاف الطلاب المبتعثين، وجهود هذه الملحقيات عادة ما تركز على الدعم الأكاديمي والتنظيم المالي للطلاب والطالبات. ومع مراعاة الأعداد الكبيرة للمبتعثين، فإن الوفاء بهاتين المهمتين بكفاءة يعد إنجازاً في حد ذاته، إلا أن حاجات المبتعثين لا تتوقف عند الجانب الأكاديمي والمالي فحسب، إذ تتعدى إلى جوانب أخرى في حياة طلاب يقضون سنوات من أعمارهم مغتربين عن أوطانهم وأهليهم، وجلهم صغار سن وحديثي تجربة. الجوانب الاجتماعية والدينية والثقافية لا تقل أهمية من الجوانب الأكاديمية والمالية في حياة المبتعث.
الجميل الذي ينبغي الإشادة به أن الطلاب المبتعثين وعلى مر السنوات الماضية بادروا بأنفسهم وتكاملوا بجهودهم، واستقطعوا جزءا من وقتهم المزحوم بمهام دراسية، لكي يسدوا هذه الحاجات لبعضهم بعضا مقدمين في ذلك أمثلة رائعة من الاحتساب والتطوع المنظم الذي تطور مع الوقت ليصل إلى مرحلة من الرقي والنشاط لم يصل إليه في وقت مضى.
الأندية أو الاتحادات الطلابية السعودية في دول الابتعاث تعد بالمئات، ويقف خلفها متطوعون بالآلاف، تقودهم أهداف نبيلة ونوايا حسنة لخدمة زملائهم من خلال برامج متنوعة في الجانب الاجتماعي والثقافي والديني ، ففي بريطانيا وحدها هناك أكثر من 250 طالبا منخرطين بطريقة منظمة وواضحة في مسؤوليات جسام بإرادة تطوعية لخدمة زملائهم الطلاب. والجميل في الأمر أن هؤلاء المتطوعين يتغيرون من عام إلى آخر مُتحين الفرصة لأكبر عدد ممكن من الطلاب لممارسة التطوع والاحتساب.
خير هؤلاء المتطوعين وأثرهم الجميل يبتدئ في كثير من الأحيان مع المبتعث عندما تطأ قدماه مطار المدينة التي يقصدها وتصاحبه حتى يستقر في مسكن مناسب وتشاركه الفرحة بحصوله على مبتغاه الأكاديمي، بل وتمتد إلى ما بعد رجوعه إلى أرض الوطن حافرة بذلك أجمل الذكريات وأبلغ الأثر في قلبه.
ونفع هؤلاء المتطوعين لا ينحصر على الطالب المبتعث وحده، بل يتجاوزه ليصل إلى زوجته وأبنائه من خلال برامج تتنوع بين لقاءات اجتماعية ومنافسات رياضية، وأخرى دينية توعوية، ويتجاوز النفع الطالب وعائلته كذلك ليصل إلى المجتمعات المحلية من خلال إقامة معارض ومهرجانات التعريف بالسعودية أو بالإسلام.
وحتى نقدر أهمية ما يقوم به هؤلاء المتطوعون، فلك أن تتخيل أخي الكريم كم من الأموال ستصرف والميزانيات الباهظة ستوجه لو أنه تم استبدال هؤلاء المتطوعين بموظفين يتقاضون أجرا على أعمالهم. وبحسبة ليست دقيقة، فإن التكلفة التقديرية للمتطوعين السعوديين في دولة مثل بريطانيا باعتبار الحد الأدنى للأجور هي أربعة ملايين ريال سعودي. وسيتضاعف هذا الرقم أكثر من مرة عندما نحسب جهود الطلاب السعوديين المتطوعين في دول كأمريكا، وأستراليا، وبقية دول الابتعاث الأخرى.
كان هذا الوجه الجميل في الموضوع، بينما الوجه القبيح فيه هو أن هذا الجيش الجرار من الطلاب المتطوعين في فترة الابتعاث يتبخر أغلبه عندما يعود إلى أرض الوطن! ... لماذا ؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي